كلّي يحرم به الفرد الرّئيسي في المسئولية من ثمرة جهوده ، أو يبرأ من نتائج عمله السّيء ، هيهات أن يحدث هذا.
والنّصوص الّتي عالجت هاتين الحالتين لم تكف عن تأكيد هذا الواقع.
أنّ ثواب صاحب العمل ، وعقابه لا يمكن أن ينقص بهذا : (وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ) (١) ، (وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ) (٢). فالمسئوليات الفردية تبقى إذن كاملة ، وتلك نقطة مفروغ منها. وكلّ ما في الأمر أنّ تذييلا للثواب والعقاب يأتي ـ فيما يبدو ـ من خارج ، فضلا عما ينتج من العمل الفردي.
ولكن ، برغم تحديد المسألة على هذا النّحو ، فلا يزال هناك نوع من التّعارض ، مع النّصوص الكثيرة الّتي تنكر ـ فيما رأينا ـ إنكارا مطلقا ، أن ينسب للإنسان ما ليس من عمله.
فما وجه الحقيقة في هذه المسألة؟.
وقبل ذلك ، ما هذا الثّقل الإضافي الّذي ينضاف إلى حساب الظّالمين؟. ولئن كان النّص المذكور آنفا لم يذكر الظّروف الّتي تتم فيها هذه الإضافة ، فإنّ نصّا آخر يخصصه ببعض المتكبرين الذين أداروا ظهورهم للهدي الإلهي ، وسعوا في إضلال الآخرين. وهؤلاء الأشخاص ـ فيما يحدث القرآن ـ سوف يتحملون المسئولية الكاملة عن أعمالهم الخاصة ، ويشارون في مسئولية هؤلاء الذين أضلوهم : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ) (٣).
__________________
(١) الطّور : ٢١.
(٢) العنكبوت : ١٢.
(٣) النّحل : ٢٥.