جَمِيعاً) (١).
بل إنّ الأمر ليذهب إلى أبعد من هذا!! عمّا قدمت أيدينا فحسب ، بل سوف نسأل أيضا بصورة ما عن تصرفات الآخرين ، فنحن مسئولون عن إنحراف مسلك أقراننا ، حين نتركهم يسيئون دون أن نتدخل بجميع الوسائل المشروعة الّتي نطبقها ـ لنمنعهم من الإساءة. وشبيه بهذا أنّ العمل الإجتماعي السّلبي ، أو عدم المبالاة ـ تجرّم بنفس درجة العمل الإيجابي ، فالإمتناع هو المشاركة السّلبية في الجريمة. وإنّ القرآن ليحدثنا أنّ شعبا قديما قد تعرض للعنة على ألسنة الأنبياء ، وكان كلّ ذنبه ـ حتّى يستحق هذه اللّعنة ـ أنّ المجتمع لم ينكر على بعض أعضائه فعلهم للشر. فقال : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ) (٢).
وبهذا نرى أنّ المسئولية الفردية ، على هذه الدّرجة من الإمتداد تتاخم ، بل وتكاد تندمج في المسئولية الجماعية ، ولكنها ليست هي على وجه التّحديد ، لأنّ الجماعة هنا ليست سوى جملة من الضّمائر الفردية المعنية ، تعلم القاعدة الأخلاقية ، وتدرك في الوقت نفسه الأعمال الّتي إنتهكت بها هذه القاعدة ، فهي تترك المذنبين من أعضائها مطمئنين ، أي أنّها لا تبالي حتّى بأن تتخذ حيالهم موقف اللّوم الصّريح. وبعكس ذلك هؤلاء الّذين يقومون بأقل جهد ، سواء بتذكير المذنب بواجبه ، أو بمقاطعته ، فأولئك سوف ينجون : (هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ
__________________
(١) المائدة : ٣٢.
(٢) المائدة : ٧٩.