الظَّالِمُونَ) (١) ، (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ) (٢).
وليس هذا هو كلّ شيء ، فليست الأعمال الواعية الّتي نثيرها في المجتمع بسلوكنا فحسب ، ولكن نتائجها الطّبيعية البعيدة سوف تدخل فيها ، وتضخم معناها. إنّ السّعادة ، أو الشّقاء اللذين يمكن أن يصيبا الإنسانية من عمل يتم عن غير قصد ، بل وقد لا يراه صاحبه مفصلا ، ولا يقدر قدره ـ سوف يضمآن إلى الرّصيد الإيجابي ، أو السّلبي لصاحبهما ، حتّى لو لم يحدثا إلّا بعد موته ، والرّسول صلىاللهعليهوسلم يقول : «إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلّا من ثلاث ، صدقة جارية ، أو علم ينتفع به ، أو ولد صالح يدعو له» (٣).
وهنا نصل إلى الحالة الثّانية ، الّتي تظل عصية على كلّ هذه التّفسيرات ، ذلك أننا قد نفهم ـ إذا لزم الأمر ـ أنّ أولادنا ، لما كانوا أعمالنا ، فإنّ نشاطهم يستمر ويكمل نشاطنا ، ومن ثمّ كانوا مضافين إلى حسابنا ، ولكن كيف نسوغ القضية العكسية؟ لسوف يكون خطأ زمنيا أن ننسب هنا علاقة سببية تشركهم في أعمال تمت قبل ميلادهم ، وهي تشرع مساواتهم مع أسلافهم أمام العدالة العلوية. ومع ذلك فلسنا ندري كيف نوفق بين النّص الّذي يبدو أنّه يعلن هذه المساواة ، وهو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ
__________________
(١) الأنعام : ٤٧.
(٢) الأعراف : ١٦٥.
(٣) انظر ، صحيح مسلم : ٣ / ١٢٥٥ ح ١٦٣١ ، شرح النّووي على صحيح مسلم : ١ / ٩٠ ، المحلى : ٧ / ٣ ، الإنتصار للشريف المرتضى : ١٩٨ ، المعتبر للمحقق الحلي : ١ / ٣٤١ ، سنن التّرمذي : ٣ / ٦٦٠ ح ١٣٧٦ ، سنن البيهقي الكبرى : ٦ / ٢٧٨ ح ١٢٤١٥ ، سنن أبي داود : ٣ / ١١٧ ح ٢٨٨٠ ، مسند أحمد : ٢ / ٣٧٢ ح ٨٨٣١.