وهذا هو ما قاله الرّسول صلىاللهعليهوسلم عن نفسه من أنّه في ذلك اليوم سوف يطلب تبرئة بعض النّاس الذين يعرفهم كأصحابه ، خلال حياته في الدّنيا ، فيقال له : «إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك ، فيقول : سحقا سحقا» (١).
__________________
(١) انظر ، صحيح البخاريّ : ٥ / ٢٤٠٦ ح ٦٢١٢ و : ٦ / ٥٨٧ ح ٦٦٤٣ ، صحيح مسلم : ١ / ٢١٨ ح ٢٤٨ و : ٤ / ١٧٩٣ ح ٢٢٩٠ ، مسند أحمد : ٢ / ٣٠٠ ح ٧٩٨٠ وص : ٤٠٨ ح ٩٢٨١ ، و : ٣ / ٢٨ ح ١١٢٣٦ و : ٥ / ٣٣٣ ح ٢٢٨٧٣ و ٢٢٩٢٤ ، الموطأ للإمام مالك : ٢ / ٤٦٢ ح ٣٢ ، سنن ابن ماجه : ٢ / ١٤٣٩ ح ٤٣٠٦ ، مسند الرّوياني : ٢ / ١٩٢ ح ١٠٢٢ و ١٠٥٤ ، مسند أبي يعلى : ١١ / ٣٨٨ ، المعجم الكبير : ٢٣ / ٤١٣ ح ٩٩٧ ، التّرغيب والتّرهيب : ٤ / ٢٠٦ ح ٥٤١٩ ، البيان والتّعريف : ١ / ٢٩٦ ، فتح الباري : ١١ / ٣٨٥ ، مصابيح السّنة : ٣ / ٥٣٧ ح ٤٣١٥ ، تفسير القرطبي : ٤ / ١٦٨ ، صحيح ابن خزيمة : ١ / ٦ ح ٦ ، سنن البيهقي الكبرى : ٤ / ٧٨ ح ٣٦٢ ، مسند عمر بن الخطاب : ١ / ٨٧ ، المعجم الأوسط : ٨ / ٣٠٧ ح ٨٧١٤ ، شرح النّووي على صحيح مسلم : ٣ / ١٩ و ١٣٦ ـ ١٤٠ و : ١٥ / ٣١٠ ح ٢٢٩١ ، فيض القدير : ٣ / ٤٥ و : ٥ / ٣٥٣ ، السّنن الأبين : ١ / ١٧٦ ، مسند أبي عوانة : ١ / ١٢٢ ح ٣٦٢.
وهذا لا يعني كلّ الصّحابة قد أحدثوا بعد رسول الله صلىاللهعليهوآله ، بل منهم من تشتاق إليه الجنّة ، وقد أثنى الله سبحانه وتعالى عليهم ، والرّسول صلىاللهعليهوآله في أحاديثه ، وأنّهم المقصودون في الثّناء : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللهِ وَرِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً) الفتح : ٢٩.
هؤلاء قاموا بمعالم الرّسالة ، وبذلوا النّصيحة ، وهذّبوا الطّرق ، وأذلّ الله بهم الكفر ، والشّرك ، وصارت بهم كلمة الله هي العليا ، وكلمة الّذين كفروا السّفلى. فصلوات الله عليهم ، وعلى أرواحهم الطّاهرة بعد ما كانوا في الحياة أولياء ، وبعد الممات أحياء.
وها هو دعاء الإمام عليّ بن أبي طالب عليهالسلام لهم حيث يقول : لقد رأيت أصحاب محمّد صلىاللهعليهوآله فما أرى أحدا يشبههم منكم ، لقد كانوا يصبحون شعثا غبرا ، وقد باتوا سجّدا وقياما ، يراوحون بين جباههم وخدودهم ، ويقفون على مثل الجمر من ذكر معادهم ، كأنّ بين أعينهم ركب المعزى من طول سجودهم ، إذا ذكر الله هملت أعينهم حتّى تبلّ جيوبهم ، ومادوا كما يميد الشّجر يوم الرّيح العاصف ، خوفا من ـ