نعم ، إنّ جزاء ضروريا ، ومحددا ينبغي أن يطبق في فكرة القانون ذاتها ، وإذا كان القانون الأخلاقي لا يتضمن تنفيذه ، أو إنتهاكه أية نتيجة لصالح الفرد الّذي يفرض عليه ، أو ضده ، فإنّ هذا القانون لا يكون باطل الأثر فحسب ، بل معتسفا وغير معقول ؛ بل إنّه لن يكون ملزما ، أي لن يكون هو ذاته.
فكلّ ما في الأمر هو أن نعرف فيم يتمثل هذا الجزاء ، الّذي نصفه بأنّه أخلاقي؟ ويجب بداهة أن نستبعد كلّ فكرة للثواب ، أو العقاب تؤثر في حواسنا الخارجية ، إذ أنّ مثل هذه الجزاءات ، فضلا عن أنّها لا يمكن أن تسمى «أخلاقية» ، فإنّها كذلك ليست ضرورية ، أللهمّ ، إلّا إذا رجعنا بالفكر إلى عالم آخر ، يصبح فيه السّعادة ، والشّقاء ـ كلّ على حدة ـ على توافق تام مع الخير والشّر. ولكن ما دمنا بعيدين عن مجال الدّين ، فإنّ فكرة عالم كهذا غريبة عن الأخلاق الطّبيعية ، على وجه الإطلاق ، وهي الأخلاق الّتي لا تتجاوز حدودها مجال الضّمير الحالي ، وعليه ، فكم من رذائل في هذه الدّنيا توجت بالنجاح!! وكم من فضائل رازحة تحت ضروب البؤس!! ولدينا من ذلك في كلّ يوم مزيد.
هل يجب أن نستعبد أيضا ، كما قد قيل ـ فكرة اللّذة ، والألم ، الباطنية المحضة؟. وهل ندم الضّمير ورضاه ـ من المشاعر الغريبة أيضا عن الحياة الأخلاقية؟. أليس لهما أي حقّ في الوجود بقوة القانون؟ ..
لقد قيل لنا : إنّ هذه المشاعر ليست ـ إحتمالا ـ سوى بقايا مصفاة لفكرة موضوعية عن المسئولية ، وإذا لم يكن النّدم خوفا مبهما من العقاب ، فإنّه التّوقع ، أو الرّجاء (١).
__________________
(١) انظر ، ١ ـ Levy Bruhl L\'idee de la responsabilite, d III S I