وأصبح الإغراء قويا ، وأمن الإنسان في الوقت نفسه أنّ سره لن يكشف أبدا ، حينئذ لن يكون «المشاهد المحايد» الّذي قال به آدم سميث Adam] [Smith ولا [الأنا الإجتماعية Le moi Social] ، الّتي قال بها (برجسون) ، ولا كلّ أشباح هذا المجتمع الإنساني ـ لن يكون هذا كلّه سوى مدد في حدود الكفاف.
إنّ القرآن يريد أن يضعنا في وسط مغاير لذلك تماما ، وأمام واقع حيّ ، حاضر في أنفسنا ، في كلّ مكان ، وزمان.
ولست أريد الحديث عن هذه الكوكبة النّبيلة الّتي أكد القرآن وجودها المهيب اللامرئي ، هذه الجماعة من الملائكة الحفظة الّذين يرافقون الإنسان : (لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللهِ) (١).
ولا أريد أيضا الحديث عن هذا الفريق الدّائم من الكرام الكاتبين ، وهو فريق : (عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ) (٢) ، مكلف بأن يراقب أفعال الإنسان ، بحيث : (ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ) (٣).
وإنّما أريد الحديث عن ذلكم الّذي قال عن نفسه : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) (٤).
ذلكم الّذي خاطبنا بقوله : (وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ) (٥).
__________________
(١) الرّعد : ١١.
(٢) سورة ق : ١٧.
(٣) سورة ق : ١٨.
(٤) الرّعد : ١٠.
(٥) يونس : ٦١.