لغايات دنيوية كهذه ، على حين أنّها أعمال لا ينبغي أن يستهدف بها سوى قداسة الواجب. فتلك هي النّيّة الآثمة الدّنسة.
ولكن ، إذا كان جرما أن يستعمل الإنسان الفضيلة بنّيّة تحصيل بعض الميزات الإنسانيّة ، فهل يعد جريمة أيضا أن يؤديها المرء على أمل الحصول على ثواب الله ، أو خوفا من عقابه؟.
هذا سؤال أثار مناقشة من أعظم المناقشات بين الأخلاقيين المسلمين.
وإنّا لنعرف البرهان الأساسي للمتشددين ، وهو برهان جدّ بسيط ، مستمد مباشرة من القرآن : فلقد خلق الإنسان من أجل طاعة الله فحسب ، ومن أجل التّوجه إليه بنّيّة نقية ، فإذا سمح لنفسه أن يتطلع ببصره إلى النّتائج المناسبة ، أو غير المناسبة لأعماله ، فإنّ معنى ذلك قلب نظام الغائية ؛ لأنّ الواجب حينئذ سيصير مجرد وسيلة ، وستصبح المنفعة هي الغاية الأخيرة ، والموضوع الحقيقي للعبادة.
ولقد كان على خصومهم في الرّأي أن يقوموا بجهد في التّعليل الدّقيق حتّى يتخلصوا من هذا البرهان. والواقع أنّ هؤلاء الخصوم قد حاولوا من ناحية أن يثبتوا للخلق غاية مزدوجة يستهدفها ، وأرادوا من ناحية أخرى أن يؤكدوا أنّ متابعة غايات ثانوية يمكن أن يحدث دون الإضرار بالغاية الأساسية.
ثمّ يفسرون ذلك بقولهم : والحقّ أنّ الإنسان بإعتباره ذاتا مكلفة لا دور له إلّا أن يؤدي مهمته أداء دقيقا في وقته ، وأيما امرىء مال إلى هجر واجبه ردّ إليه بمختلف الجزاءات ، ليس هذا فحسب ، بل إنّ من يدخل أداء واجبه في مجال العبادة ، فلن يستحق بهذه الصّفة أدنى شيء يطلبه لدى النّاس ، أو من الله ؛