قانِتٌ آناءَ اللَّيْلِ ساجِداً وَقائِماً يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) (١).
أيّة نتيجة يمكن أن نحصل عليها من خلط هذين العنصرين المتضادين ، اللذين يبطل كلّ منهما أثر الآخر ، أو كما يمكن أن يقال : من خلط نصفي الشّعور هذين ، إن لم تكن النّتيجة استشعارا غامضا ، لا يمكن تصويره ، وترجمة في لغة عاطفية للإرادة المستسلمة ، الخاضعة بإختيارها لأوامر الواجب ، مهما كانت النّتائج؟
«افعل ما يجب ، وليكن ما يكون» ، ـ ذلك في آخر الأمر ـ هو الموقف الّذي تؤدي إليه حالة الشّك ، الّتي تزلزل قلب المؤمن.
فإذا أردنا أن نطلق على هذا الوليد اسما ـ بأي ثمن فلسنا نجد خيرا من أن نطلق عليه : (شعور الحياء) ، وهو حالة مخففة تقع بين انفعالين قويين كما إنّه أقرب شيء إلى (شعور الإحترام) ويمكن تعريف هذا الشّعور بأنّه : (مفارقة المرء للشر ، مخافة أن يتدنس ، أو يحمر خجلا أمام نفسه ، وأمام الله).
وإنّها لصدفة سعيدة أن نجد لدى رسول الله صلىاللهعليهوسلم هذا المفهوم نفسه على أنّه السّمة الّتي تميز الأخلاق الإسلاميّة ، فيقول : «لكلّ دين خلق ، وخلق الإسلام الحياء» (٢) وفي رواية : «إن لكلّ دين خلقا ..» (٣).
__________________
(١) الزّمر : ٩.
(٢) انظر الموطأ لمالك : ٢ / ٩٠٥ ح ١٦١٠ ، مستدرك الوسائل : ٨ / ٤٦٥ ، مسند الشّهاب : ٢ / ١٢٣ ح ١٠١٩ ، الفردوس بمأثور الخطاب : ٣ / ٣٣٦ ح ٥٠١٢ ، مكارم الأخلاق : ٤١ ، الّتمهيد لابن عبد البر : ٢١ / ١٤١ ، الإصابة لابن حجر : ٣ / ٥٢٨ ح ٤٢٦٦.
(٣) انظر ، سنن ابن ماجه : ٢ / ١٣٩٩ ح ٤١٨١ ، روضة الواعظين : ٤٦٠ ، الجامع الصّغير : ١ / ٩٧ ح ١٣ ، ـ