وأكثر تعقلا ، فهو ينكر فقط : «أن يكون في قدرة مخلوق أن ينفذ جميع القوانين ، على وجه من الإختيار لا يجد معه في نفسه إمكان شهوة تحثه على مخالفتها ، ولو مرة واحدة» (١).
ويبدو أنّه يوافق أيضا على إمكان «أن يتحول الخوف الإحترامي ... إلى ميل ، والإحترام إلى حبّ ، وذلك على الأقل هو كمال النّيّة الّتي تقدس القانون ، لو كان في طاقة مخلوق ، أن يبلغها ، أبدا» (٢).
وأمّا «الموقف الفلسفي» الثّاني فلن يذهب إلى حدّ الإنكار المطلق لقدرة الإنسان على أن يؤدي واجبا معينا ، عن طواعية وهمة. ولكن العمل المؤدّى في هذه الظّروف قليل القيمة ، والثّواب في نظره.
وإذن ، فإنّ بين مصطلحي (الجهد ، والقيمة الأخلاقية) علاقة ثابتة ، لدرجة أنّ دقة قياس أحدهما بالآخر يمكن أن تذكر في صورة معادلة ، فوجود أحدهما أو عدمه ، وزيادته ، أو نقصه قد تستتبع نفس الأثر في الآخر ، بصورة لا يمكن تحاشيها ، وبنفس النّسبة.
وبقدر ما يكون إلتزام القاعدة أمرا لا يمكن تحقيقه إلّا ببذل مجهود من الإرادة تتفاوت درجته ، فمما لا شك فيه أنّ كلّ جهد يدخر يعادل خسارة ، بنفس النّسبة ، في الجزاء. فهل الأمر كذلك في حالة العكس ، وهي الحالة الّتي تسمح فيها القوة الأخلاقية للذات بأن تنهض بتكاليفها دون جهد؟.
هذه المسألة موضع خلاف بين الأخلاقيين المسلمين ، ومن الّذين أدلوا
__________________
(١) انظر ، ١ ـ Kant ,Crit.de la Raispon pratique.p ,٨٨.
(٢) انظر ، ١ ـ Kant ,Crit.de la Raispon pratique.p ,٨٨.