وعظات يكررها ، فيقول : (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ) (١) (وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ) (٢).
إنّ القدرية الإتكالية هي العدو الأوّل للأخلاق الإسلاميّة ، ونحن ندعم رأينا في هذا الموضوع ، بالواقعة التّالية الّتي رواها أكبر إثنين من المحدثين (هما البخاري ، ومسلم) ، فقد روى البخاري عن محمّد بن بشار ، قال : حدثنا غندر ، حدثنا شعبة عن منصور ، والأعمش سمعا سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرّحمن عن عليّ رضى الله عنه عن النّبي صلىاللهعليهوسلم : أنّه كان في جنازة ، فأخذ عودا ، فجعل ينكت في الأرض ، فقال : ما منكم من أحد إلّا كتب مقعده من النّار ، أو من الجنّة. قالوا : ألا نتّكل؟ قال : اعملوا ، فكل ميسّر» (٣) ، ثمّ تلا قوله تبارك وتعالى : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) (٤).
هذه الدّرجة الأولية من الجهد لا بد منها للأخلاقية ، فهي روحها ، وجوهرها ، فمن وضع نفسه في الدّرجة الأدنى من ذلك مباشرة فإنّه يتخلى ويتنازل عن
__________________
(١) التّوبة : ١٠٥.
(٢) آل عمران : ١٣٦.
(٣) انظر ، صحيح البخاري : ٤ / ١٨٩٠ ح ٤٦٦١ و ٤٦٦٦ و : ٥ / ٢٢٩٥ ح ٥٨٦٣ و : ٦ / ٢٤٣٥ ح ٦٢٣١ و ٧١١٣ ، وفي حديث آخر : «اعملوا فكلّ ميسّر لما خلق له» ، وقد خلط المؤلف بين الحديثين على ما في البخاري ، وكذا في مسلم : ٤ / ٢٠٣٩ ح ٢٦٤٧ و ٢٦٤٦ ، بحار الأنوار : ٦٤ / ١١٩ ، صحيح ابن حبّان : ٢ / ٤٥ ح ٣٣٤ ، الأحاديث المختارة : ١ / ٣٠٥ ح ١٩٥ ، مسند أبي يعلى : ١ / ٤٥٤ ح ٦١٠ ، توحيد الشّيخ الصّدوق : ٣٥٦ ، سنن التّرمذي : ٤ / ٤٤٥ ح ٢١٣٦ ، عوالي اللئالي : ٤ / ٢٢ ، السّنن الكبرى : ٦ / ٥١٧ ح ١١٦٧٩ ، مسند أحمد : ١ / ١٣٢ ح ١١١٠ ، سنن ابن ماجه : ١ / ٣٠ ح ٧٨.
(٤) الليل : ٥ ـ ١٠.