في قوله مخاطبا النّبي صلىاللهعليهوسلم : (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (١).
و«المشكلة الثّانية» الّتي يمكن أن تحل ، في ضوء المبدأ نفسه ، هي مسألة معرفة ما إذا كانت «القداسة» تنتظم بدورها درجات؟ ..
لا شيء يمنعنا من أن نجيب بالإيجاب ، شريطة أن تكون جميع الدّرجات داخل إطار الكمال ، بأوسع معاني الكلمة.
وموقف القرآن واضح كلّ الوضوح في هذه النّقطة ، وإليك بعضا من أقواله :
(تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) (٢) ، (وَلَقَدْ فَضَّلْنا بَعْضَ النَّبِيِّينَ عَلى بَعْضٍ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً) (٣).
ومع ذلك ، فلنحذر أن نخلط هنا فكرتين متميزتين تميزا تاما ، وإن كانتا متصلتين من بعض الجوانب : «الأقل كمالا» ، و«النّاقص» ، فغالبا ما ينزلق الفكر تلقائيا من إحدى هاتين الفكرتين إلى الأخرى ، ويمضي هكذا إلى حدّ أن يسيء تقدير رجل كامل ، كمقارنته برجل أكثر كمالا.
ولقد اعتنى رسول الإسلام صلىاللهعليهوسلم بتنبيهنا إلى هذا الموقف إزاء رسل الله ، وتحذيرنا منه ، فقال : «لا تخيّروني على موسى ...» (٤) ، وإذا كان القرآن قد حكى
__________________
(١) سورة القلم : ٤.
(٢) البقرة : ٢٥٣.
(٣) الإسراء : ٥٥.
(٤) انظر ، صحيح البخاري : ٤ / ١٧٠٠ ح ٤٣٦٢ و : ٦ / ٢٥٣٤ ح ٦٥١٩ و ٦٩٩١ ، وفي حديث آخر : «لا تخيروا بين الأنبياء ، فإنّ النّاس يصعقون يوم القيامة فأكون أوّل من تنشقّ عنه الأرض ، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش ، فلا أدري أكان فيمن صعق ، أم حوسب بصعقته الأولى» ، وهذا ـ