بهذا المعنى تتمثل في أن يأخذ القديس بحل حسن ، أو حتّى ممتاز في نظره ، ومع ذلك ، فإنّ هناك حلا آخر ، ربما كان أفضل في الواقع. وعند ما ينكشف له هذا الحل الأفضل أخيرا ، فإنّ الأسى ، والنّدم الّذي يجده في نفسه حينئذ ، يعدل ما يستشعره الرّجل الصّالح بعد أن يرتكب كبيرة.
وبهذا المعنى ، اعتاد المفسّرون أن يشرحوا لنا ألفاظا مثل : «العصيان» في قوله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ) (١) ، و«الظّلم» في قوله تعالى : (إِلَّا مَنْ ظَلَمَ ثُمَّ بَدَّلَ حُسْناً بَعْدَ سُوءٍ) (٢) ، و«الذنب» في قوله : (لِيَغْفِرَ لَكَ اللهُ ما تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَما تَأَخَّرَ) (٣) ، وهي ألفاظ يصف بها القرآن أحيانا الأنبياء ، ولم ينج منها رسول الإسلام محمّد صلىاللهعليهوسلم.
وهذه الألفاظ كلّها ، وهي الّتي تعني حين يوصف بها عامة النّاس أشد الذنوب نكرا ، هي هنا ذات معنى بالغ اللطف ، كالنسيان : (فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً) (٤) ، والخطأ : (لِمَ أَذِنْتَ لَهُمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَتَعْلَمَ الْكاذِبِينَ) (٥) ، أو حتّى مجرد الإنعكاس الطّبيعي : (إِنِّي لا يَخافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ) (٦) ، وهذه كلّها أمور لا معنى لها في نظر العامّة ، ولكنها تتعرّض لنوع من التّضخيم في ضمير الصّفيّ. ولقد قيل دائما بحق : «إنّ النّبل ملزم» [noble sseoblige].
__________________
(١) طه : ١٢١.
(٢) النّمل : ١١.
(٣) الفتح : ٢.
(٤) سورة طه : ١١٥.
(٥) التّوبة : ٤٣.
(٦) النّمل : ١٠.