والواقعة التّالية تعطينا مثالا آخر ، من هدي رسول الله ، فعن ابن عباس قال : بينا النّبي صلىاللهعليهوسلم يخطب ، إذا هو برجل قائم ، فسأل عنه ، فقالوا : أبو إسرائيل نذر أن يقوم ، ولا يقعد ، ولا يستظلّ ، ولا يتكلم ، ويصوم ، فقال النّبي صلىاللهعليهوسلم : «مره فليتكلم ، وليستظل ، وليقعد ، وليتمّ صومه» (١).
ألا يترتب على هذا بداهة أنّ الجهد البدني في الإسلام لا يمكن أن تكون له قيمة منفصلة عن مضمونه؟ ..
ولهذا ، فعند ما يكون الأمر بالعكس ، أي عند ما لا يكون أداء الواجب إلّا مع تحمل بعض المشقة البدنية ، فإنّ القرآن ، والحديث لا يألوان جهدا في طلب جهدنا في مختلف صوره :
* جهد من أجل المعيشة : (فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ) (٢) (فَامْشُوا فِي مَناكِبِها وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) (٣).
__________________
ـ المستخرج على صحيح الإمام مسلم : ٤ / ٦٤ ح ٣٢٣٨ ، سنن الدّارمي : ٢ / ١٧٩ ح ٢١٦٩ ، سنن النسائي : ٦ / ٦٠ ح ٣٢١٧ ، وسائل الشّيعة : ٢٠ / ١٠٧ ، المصنّف لعبد الرّزاق : ٦ / ١٦٧ ح ١٠٣٧٤ ، مسند أحمد : ٢ / ١٥٨.
(١) انظر ، صحيح البخاري : ٦ / ٢٤٦٥ ح ٣٦٢٦. وقد اختلف النّص الّذي نقلناه من الصّحيح عن نص الأصل في عبارة (مروه) ، والصّواب ما أثبيناه. «المعرب». وانظر ، سنن البيهقي الكبرى : ١٠ / ٧٥ ، منته المطلب : ٢ / ٦٣٩ ، سنن الدّارقطني : ٤ / ١٦٠ ح ٧ ، المهذب البارع : ٤ / ١٣٥ ، سنن أبي داود : ٣ / ٢٣٥ ح ٣٣٠٠ ، كشف اللثام للفاضل الهندي : ٢ / ٢٣٣ ، موطأ مالك : ٢ / ٤٧٥ ح ١٠١٢ ، مستدرك الوسائل : ١٦ / ٩٢ ، عوالي اللئالي : ٢ / ٣١٢ ، المعجم الكبير : ١١ / ٣٢٠ ح ١١٨٧١ ، المحلى لابن حزم : ٨ / ٤ ، المدونة الكبرى : ٣ / ١١٣ ، نيل الأوطار : ٩ / ١٤١ ، الإحكام لابن حزم : ٥ / ٢٠.
(٢) الجمعة : ١٠.
(٣) الملك : ١٦.