(وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكانَ بَيْنَ ذلِكَ قَواماً) (١). و«رقة الصّوت» ، «ولطف المسلك» : (وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ) (٢).
وإلى هذا الحدّ فالتشابه واضح.
ولكن ها نحن أولاء أمام أوّل فرق ، فلسنا نجد في كتاب الإسلام المقدس صيغة عامة توحد بين الفضيلة ، والعمل المتوازن كالذي نجده لدى أرسطو ، حين قال ، «فالفضيلة إذن هي نوع من التّوسط ، بما أنّ الهدف الّذي تتوخاه هو نوع من التّوازن بين طرفين ، فالزيادة ، والنّقص يشيان بالرذيلة ، على حين أنّ الوسط العادل يطبع الفضيلة» (٣).
أهذا التّعريف كامل؟ .. أهو دقيق؟ أهو قائم على استقراء كامل؟ ..
ثمّ نتساءل أوّلا : هل تسلم كلّ المبادىء الأخلاقية بهذا الفرق الكمي ، بالزيادة ، والنّقص ، والمساواة؟.
إننا لن نقف أنفسنا عند مثال (الصّدق) ، الّذي ذكروه أحيانا على أنّه استثناء من القاعدة ، لأننا نميل إلى تعريف الرّجل الصّادق بأنّه الّذي يقول الحقيقة كاملة. وعلى ذلك فنقص الصّدق يتمثل أحيانا في أن نذهب وراء هذا المقياس ، أو نقبع دونه. والإنسان الّذي يضيف إلى الحقيقة بعض المبالغة ، والآخر الّذي يقتطع منها ما يخفيه ـ كلاهما في الخطأ سواء.
فالإعتراض القائم على مثال الصّدق يمكن إذن أن يستبعد. ولكن كيف نثبت
__________________
(١) الفرقان : ٦٧.
(٢) لقمان : ١٩.
(٣) انظر ، ١ ـ Aristote ,ethique ,livre II ,ch.VI.