يجد الحكم الّذي يبحث عنه بكلّ سهولة.
وتنظيم النّصوص بمجموعها على هذا الوجه يبني لنا منهجا كاملا للحياة العملية كما رسمها القرآن : كيف ينبغي على الإنسان أن يسلك مع نفسه ، وفي أسرته ، ومع النّاس أجمعين؟ ... وما المباديء الّتي يجب أن تحكم العلاقات بين الحاكمين ، والمحكومين ، وبين الدّول أو المجتمعات؟ ... وكيف يؤدي الإنسان العبادة لله؟ ... وكلّ ذلك قد قيل بطريقة واضحة ومحددة.
هذا الطّابع الإجمالي يجد ما يكمله في طابع آخر ، يمنحه قيمته العليا ، ذلك أنّ القرآن ـ بعد أن رسم لكلّ مجال من مجالات الحياة خط سلوكه ـ يقدم لنا أطرا معدة على هيئة دوائر مشتركة المركز ، كلّ واحدة منها قابلة لأن تتسع ، وتنكمش ، في توافق مع المجموع. بل لقد تتداخل هذه الدّوائر بالتبادل ، دون أن تطغى إحداها على الأخرى.
كيف استطاع القرآن أن يحدث هذا الأثر المعجز؟.
لقد كان منهجه غاية في البساطة ، حين تخير لبيان قواعده أقوالا ذات تأثير خاص ، وهي أقوال تقف دائما في منتصف الطّريق ، بين المجرّد : غامضه ، ومبهمه ، وبين الحسّي المفرط في الشّكلية. وكذلك نجد أنّ الأطر الّتي يبنيها صارمة ، ومرنة في آن.
فمن حيث وضوح المضمون نجد أنّ وضوح كلّ قاعدة يوجد نوعا من الحجاز ، يقف في مواجهة الفوضى ، وجموح الهوى ؛ ولكنها من حيث عدم تحديد هذا المضمون تترك لكلّ فرد حرية إختيار الشّكل الّذي يكيف في نطاقه مثله الأعلى ؛ طبقا للشروط الّتي تمليها التّجربة ، كما يختار الشّكل الّذي يوائم به