حقانية البرهان التام من الناحية الصورية ، والمتألف من الناحية المادية من القضايا الست ، فمعنى هذا ان كلّ ما قام عليه البرهان فهو مضمون الصحة.
اذا عرفنا كل ذلك وميّزنا بين حدود غرض الأصولي ، وحدود غرض المنطقي نقول تفريعا على هذا : إن الإخباري الذي يتمسك بشبهة كثرة الخطأ في القضايا العقلية ، ويستدل بذلك على قصور الدليل العقلي بحسب عالم الاستكشاف ، إذا أراد بذلك الرد على اليقين بمعناه المنطقي ، والقول بان كثرة الاخطاء لا تسمح لنا بضمان حقانية طريقة معينة في التفكير البشري النظري فهو سواء صح أم لم تصح لا علاقة له بالبحث الاصولي اطلاقا ؛ لأن الحجية الاصولية بمعنى المنجزية والمعذرية لا تتوقف كما عرفنا على وضع قاعدة عامة لضمان حقانية الجزم ، بل يكفي في ترتبها كما سبق مجرد حصول الجزم ولو لم تكن مضمونة الحقانية بقاعدة عامة ، فسقوط يقينية كتاب البرهان مثلا لا يتصل بغرض الاصولي من قريب أو بعيد ، ولا يتعارض مع وجود اليقين كحالة نفسانية ، وانما يتعارض مع اعطاء ضمان منطقي عام لحقانية نوع من الاستدلالات والاستنتاجات. هذا كله ان اراد الاخباري بشبهته ان يطعن في ضمان صحة الجزم. وأما اذا اراد بذلك ان يبرهن على عدم وجود الجزم حتى بمعناه الاصولي وكحالة نفسية ، بمعنى ان الانسان بعد التفاته الى كثرة وقوع الخطأ من العقل البشري لا يتاح له ان يقطع بقضية نظرية مهما توفرت المبررات النظرية والاستدلالية لذلك ، لانه يحتمل وقوعه في الخطأ ايضا ، بناء على هذا التفسير لموقف الاخباري وشبهته يكون مرجع مدعاه بالتحليل الى ان الالتفات الى كثرة الخطأ مانع تكويني عن حصول الجزم.
توضيحه : ان الجزم اذا لوحظ كحالة نفسية طارئة فهو يخضع لا محالة لقوانين العلية ، واذا تمت اجزاء علته يحصل الجزم بالمعلول حتماً ، سواء كان مطابقاً للواقع أم لا ، فعدم حصول ذات الجزم في مورده كعدم حصول حرارة الماء في مورد مثلا لا بد ان ينشأ من عدم تمامية العلة التامة ، فحين يفرض مثلا ان الجزم لا يحصل للانسان مع التفاته الى كثرة الخطأ كما يقول الاخباري ، لا بد ان يعني ذلك ان عدم الالتفات الى كثرة الخطأ يكون جزء في علة حصول الجزم بما هو