مانعاً عن حصوله عند شخص آخر ، كالالتفات الى كثرة الخطأ الذي نتكلم عنه في المقام ، ونفس اختلاف الشخصين في هذه المانعية يرجع الى اختلاف خصوصياتهما الفكرية والروحية وغير ذلك ، ولهذا لا نستطيع ان ننفي الدخالة بنحو السالبة الكلية عن طريق التجارب الخاصة ، ولكنا نستطيع بذلك ابطال الدخالة بنحو الموجبة الكلية.
أما توجيه الاعتراض الى من حصل له الجزم بلسان انه كيف حصل الجزم مع التفاتك الى كثرة الخطأ؟ فجوابه أحد أمرين :
الأول : ان حصول الجزم في بعض الاحيان يكون اضطرارياً بمقتضى طبيعة ملكة النظر وطبيعة حركتها ذهابا من المطالب الى المبادئ ، وايابا من المبادئ الى المطالب ، تبعاً لما تقرره مجموع الخصوصيات التي يتكون منها ذلك الانسان ، فالجزم حالة اضطرارية لا معنى لمطالبة الجازم بوجه قيامه به.
الثاني : هذا الاضطرار نفسه قد يكون احيانا وليد نكتة موجودة في نفس الجازم ، كما لو فرض ان الجازم كان يدعي مهارته وتوفر الشرائط باصالة الواقع لديه من ناحية نفس استعداده ، ومن ناحية اطلاعه على مجموع افكار غيره بنحو لم يتوفر لغيره ، وبتعبير آخر انه يدعي كون النظر العقلي له في المرتبة التي لا يصدر منه خطأ ، بحيث لو جمعت تمام الانظار العقلية التي تتوفر فيها تمام تلك الخصوصيات لكان الخطأ فيها قليلاً.
وهكذا تلخص من تمام ما ذكرناه ان الاخباري إن اراد بشبهته انكار ضمان حقانية الجزم بوجه كلي فهو اجنبي عن محل الكلام في علم الاصول ، وان اراد دعوى دخل الالتفات الى كثرة الخطأ في المنع عن حصول الجزم تكوينا فهو مضافاً الى عدم امكان صدور مثل هذه الدعوى منه يكفي في ابطالها نقضا وحلا رجوع كل شخص الى وجدانه. هذا تمام الكلام في الجانب الأصولي من البحث.
واما الجانب المنطقي منه فلا يتسع المقام لتفصيله ، ولهذا سوف نكتفي بالاشارة الى الحدود المناسبة لطبيعة موضوعنا ، وقد عرفنا ان شبهة كثرة وقوع