الخطأ من وجهتها المنطقية ، تتلخص في القول بشكل عام بعدم امكان ضمان حقانية العقل النظري والقضايا العقلية باعتبار كثرة وقوع الخطأ فيها.
وموقف الفلاسفة اليقينيين المؤمنين بالمنطق الصوري الارسطي من هذه الشبهة تتلخص في القول بأن العقل عقلان : عقل أولي غير مكتسب ، وإليه تنتسب القضايا الست المعروفة في كتاب البرهان ، وهذا العقل هو الذي يشكل القاعدة والأساس والمنطلق للفكر نحو العقل النظري المكتسب ، والعقل النظري المكتسب هو العقل الثاني ، وإليه تنتسب جميع القضايا التي يكسبها العقل عن طريق البرهنة عليها بقضايا العقل الأول ، والعقل الأول مصون عن الخطأ ومضمون الحقانية باعتبار بداهته ، وأما العقل الثاني فهو يضمن ويكون يقينياً عن طريق مراعاة قواعد المنطق التي تضع لحركة الفكر قوانينها ، وعلى هذا الاساس لا يبقى موضوع للخطإ المفترض في الشبهة ، ولا خطر من ناحيته يعسر التحري عنه ؛ لأنه ان افترض ان الخطأ كان في العقل الأول كانت بداهة العقل هي التي تضمن بطلان الافتراض وحقانية الادراك ، وان افترض في العقل الثاني أي في قضايا يبرهن عليها بالمبادئ الأولى فالخطأ لا محالة يقع في الصورة ، أعني ان كل خطأ في هذا المجال يرجع بالتحليل الى الصورة أي الى طريقة الاستنتاج وشكل القياس ؛ لأن الخطأ في المادة الثانوية ان افترض فهو بدوره نابع من الخطأ في طريقة استنتاج تلك المادة الثانوية من المبادئ ، وإذا انحصر الخطأ ومجاله في نطاق الصورة امكن التحرز عنه عن طريق قواعد المنطق الصوري. وبهذا يخرج هؤلاء بنتيجة هي يقينية العقل الأول ويقينية العقل الثاني المراعي لعلم المنطق.
وهنا قد يرجع صاحب الشبهة ويقول : ان مراعاة المنطق اذا كانت هي الضامن لحقانية العقل النظري فما الذي يضمن لنا اننا لم نخطأ في تطبيق المنطق نفسه؟.
ولكي ينحل الموقف وتتضح الحكومة بين هذين الاتجاهين يجب ان نجيب عن السؤال التالي : هل ان القضية العقلية أولية معتصمة بالبداهة أو نظرية مستنبطة منها ومكتسبة على أساسها لكي يدعي ضمان عدم الخطأ في الأولى بالبداهة وضمان ذلك في الثانية بالمنطق؟