النظري عند مراعاته.
فما نحن بصدده الآن ان نعرف هل ان ما سوى العقل الأول المضمون ضماناً ذاتياً من القضايا العقلية النظرية هي كلها مكتسبة من العقل الأول ، اما باكتساب صحيح روعي فيه المنطق ، أو باكتساب خاطئٌ ، فانه اذا صح هذا كان معناه ان ما احرزنا فيه مراعاة المنطق فكل علومه حقة مضمونة المطابقة للواقع.
وأما إذا كانت بعض قضايا العقل غير المضمون ذاتياً ليست بمكتسبة ، وانما هي نوع ثالث من العقل لا هو بالمكتسب ، إذا كانت توجد قضايا من هذا القبيل فأمثال هذه القضايا لا يمكن أن تضمن بالاكتساب وفقاً لمراعاة المنطق ؛ لأنها بطبيعتها ليست مكتسبة ، فالمسألة كلها تتركز اخيراً في هذه النقطة أي في الجواب على هذا السؤال : هل ان القضايا العقلية غير المضمونة ذاتاً مكتسبة كلها ، أو فيها غير المتكسب؟ فعلى الأول يكون المنطق بمراعاته ضامناً لصحتها جميعاً على ما سوف نوضحه ، ان شاء الله تعالى ، وعلى الثاني يصبح جزء من العقل النظري ، أو إن شئت فقل : يوجد هناك عقل ثالث لا هو مضمون بالذات ، ولا هو مضمون بالعرض.
ولكي نوضح الحق في الجواب على هذا السؤال خصصنا هذا الامر الثاني بعد ان عرفنا في الأمر الاول حدود العقل المضمون ضماناً ذاتياً لبحث حدود الضمان بالعرض بالكشف عن حقيقة علمية الاكتساب التي تضمن نتائجها بمراعاة المنطق ، فأي عملية هذه التي يضمنها المنطق ويضمن نتائجها ، وما هو مدى شمولها؟ ان الاكتساب الذي يعترف المنطق به وضمن نتائجه هو خصوص الاكتساب القائم على اساس القياس لأن التمثيل والاستقراء غير مضمون منطقياً ما لم يرجع الى القياس ، والقياس مرده الى الشك الأول ؛ لأن الاشكال الأخرى انما يضمن نتاجها منطقياً ببرهان الشك الأول ، فالشكل الأول للقياس هو الطريقة الوحيدة التي يضمنها علم المنطق الصوري.
والانتاج في هذا الشك يتم على اساس جمع حدود ثلاثة : الحد الاصغر ،