على ما نرى ونسمع في النوم مع تعطيل السمع والبصر فيه عن العمل.
ولا إشكال في أن البداء من صفات الفعل ، كالإرادة ، والمشيئة ، والقضاء والقدر. فهو تبديل لما وقع من القضاء ، لا أن يكون في مرتبة الذات ولا العلم حتى يستلزم التغيير في الذات وهو محال. واشكل على البداء لله تعالى بوجوه :
الأول : أن البداء يستلزم الباطل ، لأنه تعالى إن علم بأنه سيبدو له ومع ذلك قضى بشيء فهو لغو ، وهو قبيح ، والقبيح محال بالنسبة إليه تعالى. وإن لم يعلم فهو جهل ، وهو أيضا محال عليه عزوجل.
ويرد عليه : أنه تعالى عالم بأنه سيبدو له ومع ذلك قضى بالقضاء الأول ثم نقضه وقضى بالقضاء الثاني ، لمصالح كثيرة في كل منهما ، منها ترغيب الناس إلى الدعاء والأعمال الصالحة والتحذير عن الأعمال السيئة التي لها آثار في تنقيص الأعمار وحبط ثواب الخيرات وقطع الأرزاق وغير ذلك ، ومنها أنه تعالى كل يوم ـ بل كل آن ـ في شأن ، ولم يفرغ من الأمر ، وليست يده مغلولة كما قال به اليهود.
الثاني : أنه إن كانت مصلحة القضاء الأول محدودة بحدّ خاص به فلا وجه لتغييره ، وإلا فلا وجه للقضاء الأول بذلك الحدّ.
ويرد عليه .. أولا : أنها كانت بالنسبة إليه تعالى لا اقتضاء فيصح معه القضاء الأول.
وثانيا : أنها كانت محدودة بذلك الحد الخاص لو لم تعرض مصلحة أقوى ، وقد تحققت فتبدل القضاء لا محالة.
الثالث : بأنه مستلزم لتكذيب الرسل وعدم اعتماد الناس على إخبارهم بالمغيبات.
وفيه : بعد النقض بالنسخ في الأحكام ، أن الإخبار بالمغيبات مع تلقين الأنبياء لاممهم صحة البداء بالنسبة إلى الله تعالى ، لا يستلزم التكذيب لفرض