إن قيل : إن مع وجودها في المتعارضين بلا ترتب يشك في شمول إطلاق أدلة التخيير ، فلا بد من مراعاة الترتيب.
نقول : لا وجه للشك مع إحراز اتحاد المناط وإطلاقات الأدلة في المرجحات الآبية عن التقييد ، وكون الترتيب في المقبولة لفظيا لا واقعيا.
نعم ، المشهور بين الفقهاء فتوى وعملا أن الشهرة أقوى المرجحات ، فلا يبقى مجال معها لإعمال سائر المرجحات ، كما لا موضوع معها لإطلاق أدلة التخيير ، ويشهد له العرف أيضا ، فإن الظاهر أنهم يقدمون الشهرة الاستنادية في أمورهم المعاشية والمعادية على سائر المرجحات في موارد التعارض.
الخامس : الشهرة تارة : استنادية ، بأن احرز استناد القدماء إلى الرواية لاعتمادهم عليها في الاحتجاج والعمل بها.
واخرى : نقلية ، بأن كانت مضبوطة في الجوامع والمجامع من غير إحراز استنادهم إليها في العمل والاحتجاج.
وثالثة : فتوائية محضة ، بأن اشتهرت الفتوى بشيء عند القدماء قدس سرّهم مطابقة للرواية من غير إحراز استنادهم إليها.
وتحقق الاولى بالنسبة إلى خبر ضعيف جابرة لضعفه ، لأن جمعا من خبراء الفن إذا اعتمدوا على شيء من فنهم واحتجوا به لا محالة يحصل من ذلك الاطمئنان العقلائي باعتبار ذلك الشيء. كما أن إعراضهم كذلك عن خبر صحيح موهن له ، لأن إعراض الخبراء عما هو صحيح يكشف عن ظفرهم بما يوجب الوهن.
والثانية : قد تكون من المرجحات وقد لا تكون ، ولا كلية في ذلك.
كما أن الثالثة أيضا كذلك ، وسيأتي بعض القول في حجية الظن إن شاء الله تعالى.
والمناط في كل ذلك حصول الوثوق والاطمئنان بالصدور ، وهو دائمي