على رفعه ، وفي غير هذه الصورة توقف في البين رأسا.
وهذه الأقوال كلها باطلة لا يمكن المساعدة عليها بوجه.
أما الأول : ففساده غني عن البيان ، لأنه دور واضح بالعيان ، إلا أن يقال : بأن التوقف من طرف الوجود فعلي ، ومن طرف الترك ـ الذي هو ضد العدم ـ شأني اقتضائي ، إذ لا عليّة ولا معلولية في الأعدام ، كما ثبت في محله ـ فلا محذور في هذا النحو من الدور ـ بل التعبير بالاقتضاء أيضا باطل ، لأن هذه التعبيرات من شئون الوجوديات ، ولا حظ للأعدام فيها بوجه.
ويمكن أن يقال : إن هذا صحيح في العدم المطلق والمقام من عدم الملكة ، مع أنه لا ينافي أصل التوقف في الجملة ، وإن لم تصح بعض التعبيرات بالنسبة إلى العدم.
وحق القول أن يقال : إن وجود أحد الضدين في ظرف عدم الآخر ، وعدم الآخر في ظرف وجود ضده من قبيل القضية الحينية الحقيقية ، وهذا حق لا ريب فيه ؛ ولكنه لا ربط له بالمقدمية أصلا ، هذا إذا اريد بالترك العدم. وإن اريد به الأمر الوجودي ـ الذي هو فعل اختياري للنفس ـ فلزوم الدور لا مدفع له.
وأما القول الثاني ـ وهو كون ترك أحد الضدين مقدمة لوجود الآخر من دون عكس ـ فقد استدل له بأن عدم المانع من أجزاء علة الشيء ، ولا ريب في أن العلة بأجزائها وجزئياتها من مقدمات المعلول ، ومقدمة الواجب واجبة فيكون فعلها حراما ، لما تقدم من الملازمة بين وجوب الشيء وحرمة نقيضه.
فالنتيجة أن الأمر بالشيء يقتضي النهي عن ضده من جهة المقدمية.
واشكل عليه بوجوه ..
الأول : أن العدم لا يصلح لأن يكون منشأ لتحقق الشيء ، فلا وجه لمقدمية عدم المانع.
وفيه : أنه لم يقل أحد بصدور الوجود من العدم ، بل المقصود أن عدم