المحاورة بصحته يصح ، وإلّا فلا يصحّ.
الثالث : المعروف أن الماضي مشتق من المصدر ، والمضارع من الماضي ، واسم الفاعل والمفعول من المضارع ، والتثنية والجمع من المفرد ، ولم يستدلوا عليه بشيء ، فإن كان ذلك لأنه أسهل للمبتدئ فله وجه ، وإلا فلا دليل له من عقل أو نقل ، إذ يصح أن تكون جميع الاشتقاقات من المادة المهملة من كل جهة ، فضرب ، ويضرب ، وضارب ، ومضروب ، وجميع المتفرعات مشتقة من (ض ر ب) المعراة من الهيئة في عرض واحد بلا ترتب بينها في البين ، وذلك لما هو المعلوم من أن ما كانت له هيئة خاصة لا تصلح أن تقع مادة لشيء آخر له أيضا هيئة مخصوصة ، إلّا بعد زوال هيئته المختصة به. وهذا واضح إن لوحظت المادة مقيدة بالهيئة الخاصة.
وأما إذا لوحظت لا بشرط عنها فيرجع إلى المادة المبهمة المهملة ، هذا إذا لوحظ لفظ (الضاد) مقدما ، و(الراء) بعده ، و(الباء) في الآخر. وإن لوحظ الإبهام من هذه الجهة أيضا تكون هذه الألفاظ المبهمة مادة لمشتقات كثيرة مختلفة في النوع. وعلى أي حال فالتفرعات والاشتقاقات عرضية ، ولا ملزم لأن تكون طولية.
والحاصل : أن الحدث إن لوحظ من حيث مجرد الحدثية من حيث أنه حدث ، فهو مصدر ، وإن لوحظ من حيث أنه موجود من الموجودات مع قطع النظر عن جهة الحدثية ، فهو اسم المصدر ، وإن لوحظ من حيث النسبة إلى الفاعل بالنسبة التحققية يعبر عنه بالماضي ، وإن لوحظ من حيث النسبة إليه بالنسبة التلبّسية يعبر عنه بالمضارع ، وإن لوحظ من حيث النسبة الاتحادية فهو اسم الفاعل أو المفعول أو غيرهما من الصفات المتحدة مع الذات المحمولة عليه ، بلا فرق بين كون هذه الملاحظات بالترتيب المعهود بين الأدباء ، أو بنحو آخر بأي نحو يتصور.