الحيوان ، إرادة في الجملة لمصالح كثيرة ، والجبر الاقتضائي لا ينافي الاختيار الفعلي من العبد.
الثاني : ما ذهب إليه جمع من القول بوحدة الوجود ، بل الوحدة المطلقة ، فلا اثنينيّة بين الخالق والعبد حتى تكون فيه الإرادة والاختيار ، لأن ثبوتهما للعبد يتوقف على تعدد وجوده مع وجود الله تعالى ، ومع الوحدة لا اثنينيّة في البين ، فلا وجه لهما بالنسبة إلى العبد في مقابل الله تعالى.
وفيه : مضافا إلى جميع ما ورد على قول الأشاعرة ، أنه قد ثبت في محله بطلان القول بوحدة الوجود مطلقا فضلا عن الوحدة المطلقة ، بل قد ثبت في الفقه أن هذا القول كفر مع الالتزام بلوازمه.
الثالث : ما عن بعض من أن علم الله تبارك وتعالى علة تامة لحصول معلوماته ، وفعل العبد معلوم له تعالى ، فعلمه تعالى علة تامة لحصوله ، فلا أثر لإرادة العبد واختياره في فعله أصلا.
وفيه : أنه لم يدل دليل من عقل أو نقل على كون العلم علة لحصول المعلوم ، بل مقتضى الوجدان خلافه ، وفي جملة من الأخبار الواردة في باب أسباب الفعل ـ التي جمعها في الكافي ـ دلالة عليه أيضا ، فراجع.
نعم ، يعلم الله تعالى أن العباد يفعلون أعمالهم بإرادتهم واختيارهم ، بحيث أن لهم أن يفعلوا ولهم أن يتركوا ، فتعلّق علمه تعالى بأفعالهم من حيث أنها مختارة ، لا أن يتعلّق العلم بأحد طرفي الاختيار فقط.
ثم إن أسباب الفعل هي : المشيئة ، والإرادة ، والقدر والقضاء ، والإمضاء ونحوها ، وهي جارية في كل فعل صادر من كل عالم قادر ، سواء كان هو الله تعالى أم العباد.
والفرق بين المشيئة والإرادة بالكلية والجزئية ، وكل ذلك من المقتضيات ، وليست من العلة التامة في شيء.