الأول : ما عن المحقق الأنصاري قدسسره من أنه غير معقول.
وفيه : أنه كذلك بناء على ما ذهب قدسسره إليه في الواجب المشروط ، حيث عرفت من أنه عين المعلّق على مصطلح صاحب الفصول ، فلا يتصور قسم آخر حتى يسمى بالمعلّق ، وأما على ما ذهب إليه المشهور في الواجب المشروط فهو معقول ثبوتا بلا إشكال.
الثاني : أنه محال لاستلزامه انفكاك المراد عن الإرادة ، وهو كانفكاك المعلول عن العلة التامة ، ولا ريب في استحالته.
وفيه : أن المراد في إرادة التكاليف ليس إلّا جعل القانون ووضع التكليف على عهدة المكلف ، وإتمام الحجة ، ولا ريب في عدم انفكاكه عن بيان التكاليف ـ مطلقا كان أو مشروطا ، معلقا أو غيره ـ لأن بمجرد جعل القانون ـ بأي وجه كان ـ يحصل ذلك كله في الواقع ، فلا يعقل الانفكاك حينئذ.
وأما ما أجاب به صاحب الكفاية قدسسره من صحة انفكاك المراد عن الإرادة وأطال فيه الكلام. فإن أراد بها الشوق المؤكد ، فهو حق لا ريب فيه ، إذ كم من مشتاق ينفك عن الشوق وجدانا. وإن أراد بها الاختيار المستلزم لتحقق المختار ، فلا وجه له من عقل أو نقل.
الثالث : أنه لا قدرة للمكلف على الامتثال حين صدور الخطاب ، لفرض تعلقه على غير المقدور.
وفيه : أن المعتبر من القدرة في التكاليف مطلقا القدرة حين الامتثال ، لا في حالة اخرى ، كما هو أوضح من أن يخفى.
الرابع : ما تقدم من الملازمة بين الهيئة والمادة في الأنظار العرفية ، في أن تقييد أحدهما عين تقييد الآخر وإن أمكن التفكيك بينهما دقة. ودفع هذا الإشكال سهل ، لأنه ربما يكون نظر صاحب الفصول قدسسره إلى الدقة العقلية ، لا الأنظار العرفية. فلا محذور في الواجب المعلق لا ثبوتا ، ولا إثباتا.