ولكن لا يخفى أنه لا موجب للقول به ، بل هو من التطويل بلا طائل ، لأنه لدفع الإشكال عما ورد في موارد من وجوب المقدمة قبل وجوب ذيها ، كغسل الجنب أو المستحاضة قبل الفجر في صوم شهر رمضان ، وتعلّم أحكام المسائل الابتلائية قبل الابتلاء بها ، والمسير إلى الحج قبل زمانه. مع أن وجوب المقدمة معلول لوجوب ذيها ، فتكون تلك الموارد من تقدم المعلول على العلة ، وهو محال.
ولدفع هذه الغائلة تشتّت الأقوال واختلفت المسالك ، فاختار كل مهربا ، فتعلّق بعضهم بالواجب المعلق ، وآخر بما هو خلاف المشهور في الواجب المشروط.
فذهب صاحب الفصول قدسسره إلى أن وجوب ذي المقدمة في تلك الموارد فعلي والواجب استقبالي من غير أن يلزم المحذور. ولكنه تبعيد للمسافة بلا ملزم في البين.
وذهب شيخنا الأنصاري إلى أن القيد قيد للمادة ، فالوجوب مطلق في الواجب المشروط وفعلي مع اعترافه بكونه خلاف القواعد العربية.
وذهب شيخ مشايخنا في الكفاية إلى جعل الواجب في تلك الموارد فعليا مشروطا بالشرط المتأخر ، وهو مجيء الزمان الخاص.
وهو مردود أيضا ، لكونه راجعا إلى الواجب المعلّق في الواقع ، مضافا إلى كونه خلاف المنساق من القيود والشروط التي يكون المنساق منها في المحاورات العربية خصوص المقارنة دون غيرها من السابقة أو اللاحقة.
وذهب بعض إلى القول بأن وجوب التعلّم نفسي ، لا أن يكون غيريا حتى يلزم المحذور.
وفيه : أنه للمعرفة ملاك نفسي أبدا ، بل هي طريقية محضة. وكل هذه الامور مبنية على جعل وجوب ذي المقدمة علة تامة منحصرة لوجوب المقدمة ،