الأحكام كما لا يخفى (١).
فلا يكاد (٢) يلزم ذلك ، فإن (٣) قضية «لا تنقض» ليس حينئذ (٤) إلا حرمة النقض في خصوص الطرف المشكوك ، وليس فيه (٥) علم بالانتقاض كي يلزم التناقض في مدلول دليله من شموله له ، فافهم (٦).
ومنه (٧) قد انقدح : ثبوت حكم العقل وعموم النقل بالنسبة إلى الأصول النافية
______________________________________________________
(١) لوضوح : أن المتصدي للاستنباط غافل عن غير الحكم الذي يريد استنباطه من الأدلة الشرعية.
(٢) جواب قوله : «وأما إذا لم يكن» ، أي : فلا يكاد يلزم التناقض المزبور.
(٣) تعليل لعدم لزوم التناقض.
(٤) أي : حين كون بعض الأطراف غير ملتفت إليه.
(٥) أي : في الطرف المشكوك حين عدم الالتفات إلى غيره.
(٦) لعله إشارة إلى : أن فرض الغفلة عن بعض الأطراف الموجب لجريان الاستصحاب في المقام ينافي ما جعله المصنف مقدمة أولى لدليل الانسداد ؛ من دعوى العلم الإجمالي بالتكاليف الفعلية في الشريعة المقدسة.
أو إشارة إلى ما ذكره المشكيني ، ج ٣ ، ص ٤٠٤ حيث قال : «إنه يمكن فرض الالتفات للمجتهد في آن واحد إلى مقدار يحصل العلم الإجمالي بالانتقاض فيه ، كما إذا سطر جميع موارد الأصول المثبتة في صحيفة ناظرا إليها أو مقدارا منها ، بحيث علم إجمالا بالانتقاض ، فلا يتم دعوى الكلية». انتهى.
هذا مضافا إلى أن الفقيه لو أجرى الأصل في المسائل تدريجا يعلم أخيرا بالانتقاض ، فكيف يمكن إثبات تلك المسائل في رسالته للرجوع إليها؟
وكيف كان ، فهذا تمام الكلام في الأصول المثبتة. وبقي الكلام في الأصول النافية.
(٧) أي : ومما ذكرنا من عدم لزوم محذور من إجراء الأصول المثبتة في حال الانسداد ـ من غير فرق بين الاحتياط والاستصحاب لعدم العلم الإجمالي بالانتقاض في مورد الاستصحاب ، لأجل الغفلة عن بعض الأطراف ـ ظهر «ثبوت حكم العقل وعموم النقل بالنسبة إلى الأصول النافية أيضا» ، فإن قوله «عليهالسلام» : «لا تنقض اليقين» ، أو قوله : «رفع ما لا يعلمون» أو حكم العقل بقبح العقاب من غير بيان كما يشمل مواضع الأصول النافية في حال الانفتاح يشمل مواضعها في حال الانسداد ، وكما يشمل «لا تنقض» الإثبات كذلك يشمل النفي.