.................................................................................................
______________________________________________________
الفرعية التي استنبطها الفقيه ؛ كحرمة شرب الخمر مثلا ، فإن العامي يستنبط حكم الخمر الشخصي من قول المجتهد : «كل خمر حرام».
وكيف كان ؛ فقد يرد على ما هو المشهور ـ من جعل موضوع علم الأصول خصوص الأدلة الأربعة بما هي أدلة ـ إشكالان ، وعلى ما ذهب إليه صاحب الفصول من أن موضوعه هي ذوات الأدلة الأربعة إشكال واحد.
أما الإشكال الأول على المشهور : فلأن دليلية الأدلة الأربعة على قول المشهور جزء الموضوع ؛ إذ المفروض : هو جعل موضوع علم الأصول هي الأدلة الأربعة بوصف كونها أدلة ، فالبحث عن حجية خبر الواحد معناه : هو البحث عن أنه دليل أم لا؟ أعني : هل الدليلية ثابتة له أم لا؟ وحيث إن وصف الدليلية جزء الموضوع حسب الفرض ، فالبحث عن وجود جزء الموضوع كالبحث عن وجود نفس الموضوع داخل في المبادئ لا في المسائل.
وقد أجاب صاحب الفصول عن هذا الإشكال بجعله موضوع علم الأصول ذوات الأدلة الأربعة ، فتندرج مسألة حجية خبر الواحد في المسائل الأصولية ؛ إذ الموضوع حينئذ : هو نفس خبر الواحد مثلا ، فيكون البحث عن حجيته بحثا عن عوارضه بمفاد «كان» الناقصة ، بمعنى : أن خبر الواحد الذي هو دليل من الأدلة الأربعة هل يكون حجة أم لا؟
وأما الإشكال الثاني على قول المشهور ـ وهو الإشكال على قول صاحب الفصول ـ فلأن البحث عن حجية خبر الواحد على ما هو مختار الفصول ، وعن دليلية خبر الواحد على ما هو المشهور ليس بحثا عن أحوال السنة وعوارضها لأنها عبارة عن قول المعصوم أو فعله أو تقريره ، وخبر الواحد ـ على تقدير حجيته أو دليليته ـ يكون حاكيا عن السنة ، لا نفس السنة ، ومن المعلوم : أن الحاكي غير المحكي ، والبحث عن عوارض الحاكي ليس بحثا عن عوارض المحكي ، أعني : السنة التي هي من الأدلة الأربعة ، فلا يكون البحث عن حجية خبر الواحد من المسائل الأصولية.
وقد أشار إليه بقوله : «وأن الملاك في الأصولية صحة وقوع نتيجة المسألة في طريق الاستنباط ، ولو لم يكن البحث فيها عن الأدلة الأربعة» ، فيكون هذا الكلام من المصنف «قدسسره» تعريضا بمن جعل موضوع علم الأصول خصوص الأدلة الأربعة ، سواء كانت بما هي أدلة كما عليه المشهور ، أم ذواتها كما عليه صاحب الفصول.