ثانيهما (١) : ما ذكره في الوافية ، مستدلا على حجية الأخبار الموجودة في الكتب المعتمدة للشيعة كالكتب الأربعة ، مع عمل جمع به من غير رد ظاهر ، وهو : «إنا نقطع ببقاء التكليف إلى يوم القيامة ، سيما بالأصول الضرورية (٢) كالصلاة والزكاة والصوم والحج والمتاجر والأنكحة ونحوها (٣) ، مع أن جل أجزائها وشرائطها ، وموانعها (٤) إنما يثبت بالخبر غير القطعي ؛ بحيث نقطع بخروج حقائق هذه الأمور عن كونها هذه الأمور عند ترك العمل بخبر الواحد ، ومن أنكر (٥) فإنما ينكره باللسان
______________________________________________________
(١) أي : الثاني من الوجوه العقلية التي استدل بها على حجية الأخبار : «ما ذكره في» كتاب «الوافية مستدلا» به «على حجية الأخبار الموجودة في الكتب المعتمدة للشيعة كالكتب الأربعة» وهي : ١ ـ الكافي. ٢ ـ من لا يحضره الفقيه. ٣ ـ التهذيب. ٤ ـ الاستبصار.
وتقريب الاستدلال بهذا الوجه العقلي على حجية الأخبار : يتوقف على مقدمة وهي : أن هذا الدليل مركب من أمور :
الأول : إن في الشرع أمور ثابتة بضرورة من الدين من العبادات والمعاملات ؛ كالصلاة والصوم والحج والزكاة والأنكحة وغيرها.
الثاني : أن التكاليف والأحكام المتعلقة بهذه الأمور باقية إلى يوم القيامة.
الثالث : أن لها أجزاء وشرائط وموانع ، وجل هذه الأجزاء والشرائط والموانع تثبت بالأخبار غير القطعية ؛ بحيث لو اقتصر في معرفة أجزائها وشرائطها وموانعها على الكتاب العزيز والأخبار المتواترة لخرجت هذه الأمور عن حقائقها ؛ بحيث يصح سلبها عنها ؛ وذلك لقلة الأخبار القطعية الصدور وعدم كون الآيات غالبا إلا في مقام التشريع فقط.
إذا عرفت هذه المقدمة فاعلم : أنه لا محيص عن العمل بالأخبار غير القطعية صدورا. هذا معنى حجية الأخبار.
(٢) والمراد بالأصول الضرورية : أمهات الأحكام الفرعية الثابتة بضرورة من الدين.
(٣) أي : من الأحكام الرئيسية في فقه الإسلام.
(٤) كالركوع والطهارة والحدث بالنسبة إلى الصلاة «إنما يثبت بالخبر غير القطعي». والضمير المؤنث في أجزائها وشرائطها وموانعها راجع إلى الأصول الضرورية.
(٥) يعني : ومن أنكر ما ذكرناه من خروج حقائق هذه الأمور عن كونها هذه الأمور ـ لو لم يعمل بأخبار الآحاد ـ فإنما ينكره بلسانه ، وقلبه مطمئن بالاعتقاد بصحة ما ذكرناه.