.................................................................................................
______________________________________________________
إذا عرفت هذين الاحتمالين في مفاد أدلة نفي الضرر والحرج. فاعلم أنه بناء على ما اختار المصنف لا يكون دليل نفي الحرج رافعا لوجوب الاحتياط العقلي ، وذلك لأن موضوع الحكم الشرعي الواقع لا يستلزم الحرج وإنما المستلزم للحرج هو الاحتياط والجمع بين محتملات التكليف وهو ليس متعلقا لحكم شرعي ؛ بل يكون متعلقا لحكم عقلي فلا يقبل الرفع شرعا ، فلا ترفعه أدلة نفي الحرج متكفلة لرفع الحكم الشرعي الواقعي ؛ لأن العسر قد نشأ من قبل التكاليف المجهولة فيرفعهما دليل نفي العسر والحرج ، وبرفعهما لا يبقى مجال لقاعدة الاحتياط عقلا ؛ لارتفاع موضوعها.
وهنا خلاف آخر بين المصنف والشيخ. يقول المصنف : إنه بناء على حكومة أدلة نفي الحرج في المقام ورفع وجوب الاحتياط التام بها لا وجه لدعوى استقلال العقل بلزوم الاحتياط في بعض الأطراف.
هذا بخلاف الشيخ «قدسسره» حيث يقول بالتبعيض في الاحتياط ، بمعنى : وجوب الاحتياط في بعض الاطراف بعد رفع الاحتياط التام لأجل كونه موجبا للعسر والحرج.
أما الرجوع إلى الأصول : فيجوز إذا كانت من الأصول المثبتة كالاحتياط والاستصحاب المثبت المطابق له ، وذلك لوجود المقتضي وعدم المانع. أما المقتضي :
فحكم العقل إذا كان عقليا كالاحتياط ، وعموم النقل إن كان شرعيا كالاستصحاب.
وأما المانع من الاحتياط : فهو لزوم الاختلال أو الحرج ، فلا مانع عنه عند عدم لزوم المحذور المذكور.
وأما الاستصحاب : فلا مانع من جريانه عند المصنف ، إذ المانع عن جريانه هو لزوم المخالفة العملية ، فلا تلزم فيما إذا علم بطهارة أحد الإناءين بعد العلم بنجاستهما فاستصحاب النجاسة فيهما لا يستلزم المخالفة العملية في الإناءين ؛ بل لا مانع من جريان الاستصحاب حتى على مذهب الشيخ ، حيث يكون المانع عنده هو العلم بانتفاض الحالة السابقة من جريان الاستصحاب في أطراف العلم الإجمالي ؛ فيلزم التناقض في مدلول دليله ؛ لأن التناقض يلزم فيما إذا كان الشك في جميع الأطراف فعليا. وأما إذا لم يكن فعليا إلا في بعض الأطراف فلا يلزم التناقض في مدلول دليله ؛ إذ ليس هنا علم بانتقاض الحالة السابقة ، كي يلزم التناقض.
«فافهم» لعله إشارة إلى لزوم العلم الإجمالي بالانتقاض لو أجرى المجتهد الأصل في جميع الأطراف. تدريجا.