الشريعة مع الحرمة ، وكذا بمعنى سقوط الإعادة ، فإنه مترتب على إتيانها بقصد القربة ، وكانت مما يصلح لأن يتقرب به ، ومع الحرمة لا تكاد تصلح لذلك ، ويتأتى قصدها من الملتفت إلى حرمتها ، كما لا يخفى.
لا يقال : هذا لو كان النهي عنها دالا على الحرمة الذاتية ، ولا يكاد يتصف بها العبادة ، لعدم الحرمة بدون قصد القربة ، وعدم القدرة عليها مع قصد القربة بها إلّا تشريعا ، ومعه تكون محرمة بالحرمة التشريعية لا محالة ، ومعه لا تتصف بحرمة أخرى ، لامتناع اجتماع المثلين كالضدين.
______________________________________________________
يقتضي فسادها ؛ لدلالته على حرمة نفس العبادة أو نفس جزئها ولا يمكن اجتماع الحرمة مع الصحة سواء كان المراد بالصحة موافقة الشريعة والأمر أو بمعنى سقوط الإعادة والقضاء ؛ لأنّ الصحّة بكلا المعنيين تتوقّف على الإتيان بالعبادة بقصد التقرّب وكون العمل صالحا به ومع حرمة العمل ومبغوضيّته لا يمكن أن يكون صالحا للتقرّب به ولا يتأتّى قصد التقرّب من الملتفت إلى حرمته.
ثمّ تعرّض قدسسره لما يقال من أنّ الحرمة النفسية لا تتعلّق بالعبادة أصلا ، فإنّ الفعل لا يكون معنونا بالعبادة إلّا إذا كان بقصد التقرّب ولا يتمكن المكلف من قصد التقرّب إلّا بنحو التشريع ومع التشريع تكون حرمته تشريعية ولا يمكن أن يتعلّق بها الحرمة النفسية لامتناع اجتماع الحرمتين في فعل واحد ، كما لا يمكن تعلّق الحكمين المتضادّين به.
وأجاب عن ذلك بعدم المنافاة بين الحرمة الذاتية والتشريعية لتعدّد متعلّقهما لأنّ المراد بالعبادة في تعلّق الحرمة النفسية بها ما لو تعلّق به أمر لما كان يسقط بدون قصد التقرّب كصوم يوم العيدين وصلاة الحائض ، أو ما تكون عبادة بنفسها لو لا النهي عنه كالسجود لله ، فإنّه إذا فرض في مورد المفسدة الغالبة في السجود لله سبحانه وتعالى لتعلّق به