نعم لا يبعد دعوى ظهور النهي عن المعاملة في الإرشاد إلى فسادها ، كما أن الأمر بها يكون ظاهرا في الإرشاد إلى صحتها من دون دلالته على إيجابها أو استحبابها ، كما لا يخفى ، لكنه في المعاملات بمعنى العقود والإيقاعات ، لا المعاملات بالمعنى الأعم المقابل للعبادات ، فالمعمول هو ملاحظة القرائن في خصوص المقامات ، ومع عدمها لا محيص عن الاخذ بما هو قضية صيغة النهي من الحرمة ، وقد عرفت أنها غير مستتبعة للفساد ، لا لغة ولا عرفا.
______________________________________________________
تقدير إنشائها فالملازمة بين النهي عنها وفسادها منتفية لغة وعرفا.
نعم ، النهي عن المعاملة يقتضي فسادها فيما كان النهي دالّا على حرمة ما لا يمكن حرمته مع صحّتها كالنهي عن أكل الثمن أي التصرّف فيه في بيع شيء كثمن الخمر أو النهي عن التصرّف في المثمن كما في النهي عن استعمال الميتة.
هذا كلّه مع قيام القرينة على أنّ النهي عن المعاملة تكليفي ، وإلّا فظاهر النهي عن معاملة هو الإرشاد إلى عدم إمضائها كما أنّ الأمر بها ارشاد إلى صحّتها كالنهي عن بيع الخمر أو الميتة ، ولكنّ الظهور في الإرشاد إنّما هو في المعاملات بالمعنى الأخص يعني العقود والإيقاعات ، لا المعاملة بالمعنى الأعم المقابل للعبادات ، فإنّ المعاملة إذا لم تكن من قبيل العقد والإيقاع ولم يكن في البين قرينة على أنّ النهي عنها للإرشاد يكون ظاهرا في تحريمها ، وقد علم أنّ تحريم المعاملة لا تستتبع فسادها لا لغة ولا عرفا.
أقول : ما ذكره قدسسره من انتفاء الملازمة بين النهي عن معاملة وفسادها لغة وعرفا لعلّه من اشتباه القلم ، والصحيح انتفاء الملازمة عقلا وعرفا ، حيث لا معنى للملازمة لغة إلّا الدلالة الالتزامية اللفظية ومعناها عدم إمكان تصوّر معنى اللفظ بلا تصوّر المعنى الآخر عقلا أو عرفا.