وأما العبادات فما كان منها عبادة ذاتية [١] كالسجود والركوع والخشوع والخضوع له تبارك وتعالى ، فمع النهي عنه يكون مقدورا ، كما إذا كان مأمورا به ، وما كان منها عبادة لاعتبار قصد القربة فيه لو كان مأمورا به ، فلا يكاد يقدر عليه إلّا
______________________________________________________
الإتيان المزبور مقدورا وإن لم يكن صحيحا ومؤثرا في النقل والانتقال مثلا.
أقول : كلام الماتن هذا ينافي ما تقدّم من عدم اقتضاء حرمة المعاملة فسادها سواء كان المنهي عنه هو السبب بما هو فعل مباشري أو بالتسبيب وهو مضمونها أو بالتسبب بها إليه.
وكأنّ مراده قدسسره أنّ المسبب في المعاملة لا يتّصف حقيقة بالصحة أو الفساد ، بل بالوجود والعدم ومقتضى نهي الشارع عن المسبب كونه مقدورا يمكن للعبد إيجاده ، فلا يمكن النهي عنه مع عدم صحة المعاملة ، وكذا الحال في التسبيب إليها ، وهذا بخلاف السبب فإنّ الإيجاب والقبول يتّصف بالصحة والفساد بمفاد كان الناقصة ولا يقتضي النهي عنه تماميته بحصول المسبّب.
ويبقى على الماتن قدسسره الجواب عن الموارد التي يكون التسبيب في المعاملة حراما مع بطلانها كما في الحرمة المتعلّقة بالبيع الربوي تكليفا.
والحق في الجواب عن كلّ ذلك هو ما ذكرنا من أنّه ليس في المعاملات سبب وتسبيب ومسبّب بالإضافة إلى أثرها الشرعي بل المعاملة بإنشائها ومضمونها موضوع للإمضاء الشرعي ، والنهي عنها لا يقتضي الإمضاء ولا عدم الإمضاء ، بل مفاده الزجر عن إيجاد الموضوع لا أكثر.
[١] قد تقدّم أنّ المحكي عن أبي حنيفة والشيباني من دلالة النهي على الصحّة يعمّ النهي عن العبادة.