ثم إنه ربما يتمسك للدلالة على المفهوم بإطلاق الشرط [١] ، بتقريب أنه لو لم يكن بمنحصر يلزم تقييده ، ضرورة أنه لو قارنه أو سبقه الآخر لما أثر وحده ،
______________________________________________________
لا موجب لانصرافها إلى الترتّب كذلك ، ولكنّ دلالتها على الترتّب المزبور مقتضى إطلاق معنى الأداة ، نظير ما ذكر من أنّ مقتضى إطلاق صيغة الأمر الدالّة على الطلب كون الطلب نفسيا ، حيث إنّ صيغة الأمر وإن كانت تستعمل في موارد الطلب الغيري ولا تنصرف إلى الطلب النفسي إلّا أنّ مقتضى إطلاق الطلب كونه نفسيا وفي المقام أيضا أداة الشرط الدالّة على اللزوم بين الجزاء والشرط مقتضى إطلاقها كون اللزوم بنحو ترتّب المعلول على علّته المنحصرة.
وأجاب عن ذلك أنّ مقدّمات الحكمة لا تجري في ناحية المعاني الحرفية لعدم كونها ملحوظة إلّا تبعا لمعاني مدخولاتها على ما مرّ في معاني الحروف ، ومع غضّ النظر عن ذلك فلا يقاس أداة الشرط على إطلاق صيغة الأمر ، وذلك لأنّ سنخ الوجوب في النفسي والغيري مختلف ، فإنّ نفس الوجوب في النفسي فيه سعة من جهة وجوب شيء آخر وعدمه ، بخلاف الوجوب الغيري فإنّ في نفس الوجوب الغيري ضيق لا يحصل عند عدم وجوب شيء آخر ، فيكون الإطلاق في مقام الإثبات وعدم تقييد الأمر بفعل بوجوب الفعل الآخر دالّا على كون الوجوب نفسيا إذا تمّت مقدّمات الحكمة ، بخلاف أنحاء اللزوم فإنّ الترتّب على العلّة المنحصرة كالترتّب على غير المنحصرة يحتاج كلّ منهما إلى قرينة ومعيّن بلا تفاوت في ناحية حصول المعلول بحصول كلّ منهما ، والأداة دالّة على مطلق اللزوم لا على اللزوم بنحو الترتّب على العلّة فضلا عن الترتّب على العلة المنحصرة ، وكلّ نحو من التلازم سواء كان بنحو الترتّب واللزوم أو بنحو الترتّب على الملزوم والعلّة يحتاج إلى قرينة لا تدلّ الأداة عليهما بدونها.
[١] قد ذكر لدلالة الجملة الشرطية على المفهوم وجهين آخرين أشار إلى أوّلهما