والتحقيق : إنه إذا كانت الغاية بحسب القواعد العربية قيدا للحكم ، كما في قوله : (كلّ شيء حلال حتى تعرف أنه حرام) ، و (كلّ شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر) ، كانت دالّة على ارتفاعه عند حصولها ، لانسباق ذلك منها ، كما لا يخفى ، وكونه قضية تقييده بها ، وإلّا لما كان ما جعل غاية له بغاية ، وهو واضح إلى النهاية.
وأما إذا كانت بحسبها قيدا للموضوع ، مثل (سر من البصرة إلى الكوفة) ، فحالها حال الوصف في عدم الدلالة ، وإن كان تحديده بها بملاحظة حكمه وتعلق الطلب به ، وقضيته ليس إلّا عدم الحكم فيها إلّا بالمغيّا ، من دون دلالة لها أصلا على انتفاء سنخه عن غيره ، لعدم ثبوت وضع لذلك ، وعدم قرينة ملازمة لها ولو غالبا ، دلت على اختصاص الحكم به ، وفائدة التحديد بها كسائر أنحاء التقييد ، غير منحصرة بإفادته كما مرّ في الوصف.
______________________________________________________
من ذكر القرينة وتحديد المراد من اليد.
نعم ، لا يبعد ظهورها عند الإطلاق في المعنى الثالث وعلى ذلك فلا دلالة للآية المباركة على اعتبار بدء الغسل من المرافق أو الأنامل واعتبار كونه من المرافق عندنا ثابت بالنصّ بل بضرورة المذهب.
الثاني : أن يكون قيدا لمتعلّق الحكم والتكليف ، يعني الفعل المتعلّق به الوجوب أو غيره كما في مثل قوله عليهالسلام : «إذا زالت الشمس ، فقد دخل وقت الظهر والعصر جميعا إلّا أنّ هذه قبل هذه ، ثمّ إنّك في وقت منها حتّى تغرب الشمس» (١) ، حيث إنّ ظاهره كون الغاية تحديدا للصلاة والطهور لا لوجوبهما فقط.
الثالث : أن يكون قيدا لنفس الحكم لا لمتعلّقه ولا لموضوعه كما في قوله عليهالسلام :
__________________
(١) الوسائل : ج ٣ ، باب ٤ من أبواب المواقيت ، الحديث ٥.