.................................................................................................
______________________________________________________
ثمّ إنّه إذا كان المفهوم الموافق أخصّ من العام كما إذا ورد في خطاب «لا تشتم أحدا» وورد في خطاب آخر «لا بأس بشتم أعوان الظلمة» يكون مفهومه الموافق نفي البأس عن شتم نفس الظلمة ، ولا ينبغي التأمّل في تخصيص العام به فإنّه لا مجرى لأصالة العموم في ناحية العام مع قيام القرينة على أنّ الحكم الوارد فيه لا يعم ثبوتا بعض أفراده والمفهوم الموافق الخاص كالخاص المنطوقي قرينة على ذلك.
وأمّا إذا كانت النسبة بين العام ومفهوم الموافقة العموم من وجه كما إذا ورد في خطاب «اضرب كلّ فاسق متجاهر بفسقه حتى يرتدع» ، فإنّ العموم المزبور يعمّ ما إذا كان الفاسق المتجاهر أب الضارب أو أمّه فتقع المعارضة بينه وبين مفهوم الموافقة لقوله سبحانه وتعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(١) والنسبة العموم من وجه فيجتمعان في الأب والأم المتجاهرين بفسقهما وفي مثل ذلك لا موجب لرفع اليد عن عموم كلّ فاسق في قوله «اضرب كل فاسق يتجاهر بفسقه» أو ترجيح المفهوم الموافق.
نعم ، إذا كان المنطوق أخصّ مطلقا من العام ولكن كان مفهومه أعمّ من وجه بالنسبة إلى العام كما إذا ورد في خطاب «لا تكرم الفسّاق» وورد في خطاب آخر «أكرم الفاسق من خدّام العلماء» الدالّ بمفهومه الموافق على إكرام نفس العلماء يرفع اليد عن عموم «لا تكرم الفسّاق» بالإضافة إلى العالم الفاسق وذلك لأنّ قوله «أكرم الفاسق من خدّام العلماء» أخصّ بالإضافة إلى العام فيخصّص العام به والمفروض أنّ تخصيص العام به يلازم تخصيصا آخر وهو طلب إكرام نفس العالم الفاسق.
__________________
(١) سورة الإسراء : الآية ٢٣.