وكثرة التخصيص وندرة النسخ هاهنا ، وإن كانا يوجبان الظن بالتخصيص أيضا ، وأنه واجد لشرطه إلحاقا له بالغالب ، إلّا أنه لا دليل على اعتباره ، وإنما يوجبان الحمل عليه فيما إذا ورد العام بعد حضور وقت العمل بالخاص ، لصيرورة الخاص لذلك في الدوام أظهر من العام ، كما أشير إليه ، فتدبر جيدا.
ثم إن تعين الخاص للتخصيص ، إذا ورد قبل حضور وقت العمل بالعام ، أو ورد العام قبل حضور وقت العمل به ، إنما يكون مبنيا على عدم جواز النسخ قبل حضور وقت العمل ، وإلّا فلا يتعين له ، بل يدور بين كونه مخصصا وناسخا في الأول ، ومخصصا ومنسوخا في الثاني ، إلّا أن الأظهر كونه مخصصا ، وإن كان ظهور العام في عموم الأفراد أقوى من ظهوره وظهور الخاص في الدوام ، لما أشير إليه من تعارف التخصيص وشيوعه ، وندرة النسخ جدا في الأحكام.
______________________________________________________
به ليكون ناسخا أو يحتمل كونه ناسخا فلا سبيل إلى تعيين كونه ناسخا أو مخصّصا ، ولو ترتّب على كونه ناسخا أو مخصّصا أثر عملي فلا بدّ فيه من الرجوع إلى الأصول العملية ، وكثرة التخصيص وقلّة النسخ لا يوجب إلّا الظن بكونه مخصّصا لا ناسخا ولا اعتبار بالظنّ.
وهذا بخلاف ما ورد العام بعد حضور وقت العمل بالخاص المتقدّم ، فإنّ الخاص المتقدّم ، إمّا منسوخ بالعام المتأخّر أو أنّه مخصّص للعام المتأخّر ، وبما أنّ ظهور الخاص في دوام حكمه ، ولو كان بالإطلاق ، أقوى من ظهور العام في العموم بحسب أفراده ولو كانت هذه الدلالة بالوضع ، يكون الخاص المتقدّم قرينة على تخصيص العام وهذا التقريب لا مورد له في الخاص إذا ورد بعد العام وتردّد أمره بين كونه ناسخا لعموم العام أو مخصّصا له ، فإنّه كما ذكر يرجع فيه إلى الأصول العملية وذلك لأنّ الدوام في العام المتقدّم مقطوع العدم وإنّما يتردّد الأمر فيه بين انقطاعه