وأنت خبير بأن التقييد أيضا يكون تصرفا في المطلق ، لما عرفت من أن الظفر بالمقيد لا يكون كاشفا عن عدم ورود المطلق في مقام البيان ، بل عن عدم كون الإطلاق الذي هو ظاهره بمعونة الحكمة ، بمراد جدّي ، غاية الأمر أن التصرف فيه بذلك لا يوجب التجوز فيه ، مع أن حمل الأمر في المقيد على الاستحباب لا يوجب تجوزا فيه ، فإنه في الحقيقة مستعمل في الإيجاب ، فإن المقيد إذا كان فيه ملاك الاستحباب ، كان من أفضل أفراد الواجب ، لا مستحبا فعلا ، ضرورة أن ملاكه لا يقتضي استحبابه إذا اجتمع مع ما يقتضي وجوبه.
نعم ، فيما إذا كان إحراز كون المطلق في مقام البيان بالأصل ، كان من التوفيق بينهما ، حمله على أنه سيق في مقام الإهمال على خلاف مقتضى الأصل ، فافهم. ولعل وجه التقييد كون ظهور إطلاق الصيغة في الإيجاب التعييني أقوى من ظهور المطلق في الإطلاق.
______________________________________________________
لا يؤكل لحمه أو لا تتكلّم في صلاتك ، وكالنهي عن بيع مكيل أو موزون لم يكل أو لم يوزن ، وغير ذلك مما يكون النهي فيها ارشادا إلى مانعيّة ذلك الشيء والفساد معه ، وبالجملة فالموارد التي يكون الأمر والنهي فيها إرشاديا خارجة عن مورد الكلام في المقام.
ثمّ إنّه ربّما لا يكون بين خطابي المطلق والمقيد تناف لاختلاف الموضوع فيهما كما إذا ورد الأمر بعتق رقبة عند إفطار الصوم ، وورد الأمر بعتق رقبة مؤمنة عند ظهار زوجته ، فإنّه لا موجب في مثل ذلك لرفع اليد عن ظهور شيء من الخطابين ، وكذلك إذا ورد في خطاب «اعتق رقبة» ، وفي خطاب آخر «أعتق رقبة مؤمنة» مع القرينة على تعدّد التكليف بحيث لا يسقط الأمر بالمطلق مع موافقة الأمر بالمقيد كما إذا كان عتق الرقبة مستحبا وعتق المؤمنة واجبا.