على موافقته والبناء على إطاعته ، وإن قلنا بأنه لا يستحق مؤاخذة أو مثوبة ، ما لم يعزم على المخالفة أو الموافقة ، بمجرد سوء سريرته أو حسنها ، وإن كان مستحقا للوم أو المدح بما يستتبعانه ، كسائر الصفات والاخلاق الذميمة أو الحسنة.
وبالجملة : ما دامت فيه صفة كامنة لا يستحق بها إلّا مدحا أو لوما ، وإنما يستحق الجزاء بالمثوبة أو العقوبة مضافا إلى أحدهما ، إذا صار بصدد الجري على طبقها والعمل على وفقها وجزم وعزم ، وذلك لعدم صحة مؤاخذته بمجرد سوء
______________________________________________________
لم يرتكب ذلك الحرام وهذا غير التجري المفروض في المقام ، فإنّ الكلام في المقام في قصد ارتكاب عمل يعتقد أنّه حرام واقعي وبعد الارتكاب ظهر أنّه لم يكن حراما واقعيا ، فإنّ العقاب على قصد شرب الخمر لا يلازم العقاب على شرب مائع قصد شربه ، باعتقاد أنّه حرام لكونه خمرا ولم يكن في الواقع خمرا خصوصا إذا لم يكن الاعتقاد جزميا ، بأن احرز حرمته بالأمارة أو بالأصل المثبت حرمته ، وكان ارتكابه برجاء أن لا يكون في الواقع حراما فاتفق مصادفة رجائه ولم يكن في الواقع حراما.
وعلى الجملة فالمتجري يريد عملا خاصّا لاعتقاده بأنّه حرام ، ومن يلتزم بأنّ العقاب في التجري على قصد الإتيان بما يعتقد أنّه حرام كصاحب الكفاية ، فلا يمكن له إن قلت : إذا لم يكن الفعل كذلك ، فلا وجه لاستحقاق العقوبة التمسك ببعض الآيات والروايات المشار إليها وغيرها ، فإنّ مدلولها على تقدير تسليمها موارد قصد ارتكاب الحرام الواقعي لا قصد فعل حلال يعتقد أنّه حرام واقعي مع أنّ هذا المسلك في نفسه غير صحيح فإنّ التجري الموجب للعقاب هو نفس ارتكاب ما يعتقد أنّه حرام ، وهذا الفعل كما تقدم غير قابل للتحريم شرعا ، وأمّا عزم الحرام وقصده فهو قابل للتحريم ، ولو ورد فيه خطاب شرعي على ترتب العقاب عليه لكان كاشفا عن تحريمه شرعا ، ولكن لم يرد فيه ذلك بحيث يعتبر ، بل ورد في روايات كثيرة العفو عن نية