فإنه لا يكاد يصح تنزيل جزء الموضوع أو قيده ، بما هو كذلك بلحاظ أثره ، إلّا فيما كان جزؤه الآخر أو ذاته محرزا بالوجدان ، أو تنزيله في عرضه ، فلا يكاد يكون دليل الأمارة أو الاستصحاب دليلا على تنزيل جزء الموضوع ، ما لم يكن هناك دليل على تنزيل جزئه الآخر ، فيما لم يكن محرزا حقيقة ، وفيما لم يكن دليل على تنزيلهما بالمطابقة ، كما في ما نحن فيه ـ على ما عرفت ـ لم يكن دليل الأمارة دليلا
______________________________________________________
المنزّل عليه هو نفس الواقع ، وأما إذا كان المنزّل عليه الواقع المعلوم كما هو الصحيح على مسلك تنزيل المؤدى فيكفي تنزيل واحد في قيام الأمارة مقام القطع الطريقي المحض ، ومقام القطع المأخوذ في الموضوع طريقا ، حيث قلنا سابقا من أنّ القطع مع أخذه في الموضوع طريقا لا يمكن أن يكون تمام الموضوع للأثر الشرعي وأنّه يثبت للواقع والعلم به معا.
وذكر المحقق الاصبهاني أن تنزيل المؤدى منزلة الواقع وتنزيل العلم بالواقع التنزيلي منزلة العلم بالواقع إذا كان الأثر مترتبا على العلم بالواقع غير ممكن لا للزوم الدور الذي ذكره الماتن ، بل لأنّ التنزيلين في أثر واحد غير قابل للانحلال غير معقول ، بلا فرق بين أن يكون التنزيلان عرضيين أو طوليين ، فنفس وحدة الأثر المترتب على العلم بالواقع في نفسها مانعة عن تحقق كلا التنزيلين فإن تنزيل المؤدى منزلة الواقع عبارة عن جعل الحكم له كالحرمة إذا أخبر العادل بكون مائع خمرا ، والمفروض أنّه ليس للواقع أثر وذلك الأثر المترتب على العلم بالواقع غير منحل بالإضافة إلى الواقع والعلم به ، نظير انحلال الأمر بالمركب ليمكن تنزيله منزلة الواقع في الحكم الانحلالي أو انحلال الأمر بالمقيد إلى ذات المطلق والتقيد.
أقول : قد تقدم أنّه إذا تحقق الجزء الآخر من الموضوع أو ذات المقيد بالتعبد بالجزء أو القيد كفى ذلك في التنزيل ؛ لأنّ عدم إمكان التنزيل في الجزء أو القيد مع