.................................................................................................
______________________________________________________
أقول : متعلّق النهي إمّا العبادة الفعلية أي الإتيان بالفعل بداعي الأمر به أو لمحبوبيته بنفسه عند الشارع أو بالطبيعي المنطبق عليه ، فإن كان النهي عن العمل كذلك من غير ترخيص فيه يكون النهي المزبور إرشادا إلى عدم الأمر بالفعل وعدم محبوبيته عند الشارع كي يؤتى به عبادة فتكون حرمته تشريعية لا محالة ، ومع ثبوت الترخيص في الإتيان به عبادة يكون النهي إرشادا إلى قلّة ثوابها بالإضافة إلى سائر الأفراد والمصاديق كالنهي عن الصلاة في بيوت النار والنهي عن صوم يوم عاشوراء كما تعرّضنا لذلك في جواب شبهة اجتماع الأمر والكراهة في العبادات.
وقد ذكرنا مرارا أنّ ظاهر النهي عن عبادة مع عدم ثبوت الترخيص في الإتيان به بنحو العبادة هو الإرشاد إلى عدم تشريعها وفسادها ومع ثبوت الترخيص في الإتيان به عبادة يكون النهي إرشادا إلى قلّة ثوابها بالإضافة إلى سائر الأفراد والأمثال ، وأمّا إذا فرض تعلّق النهي التحريمي بذات العمل حتّى ولو أتى به بغير الوجه القربي بحيث تكون حرمته ذاتية كما ينسب ذلك إلى بعض في النهي عن صوم يوم العيدين فهذا النهي لا يكون إرشادا إلى فساده عبادة بل الحرمة تلازم الفساد بمبدئها حيث إنّها تكشف عن الفساد في نفس الفعل فلا يصلح للتقرّب به لا محالة.
وإذا فرض تعلّق النهي الكراهتي بذات العمل كذلك فهذا النهي كاشف عن الحضاضة في الفعل بحيث يكون تركه اجتنابا عن تلك الحضاضة ولا يمكن معها التقرّب بذلك الفعل بل يكون الإتيان به لكونه محبوبا للمولى افتراء على الله ومشمولا لقوله تعالى : (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللهِ تَفْتَرُونَ)(١) ، فالنهي الكراهتي عن
__________________
(١) سورة يونس : الآية ٥٩.