النبيّين والمرسلين وأرسله رحمةً للعالمين ، وأراد أن يكون دينه ناسخاً لسائر الأديان وباقياً إلى يوم الدين ، رفع بفضل إحسانه عن اُمّته عذاب الاستئصال الذي كان قد يصيب الاُمم الماضين ، وأنّه لمّا كان ذلك مقتضياً لعدم تصريحه بطائفة من أوامره العظام التي كان يعلم أنّه إن صرّح بها وحصلت المخالفة ولو من بعضهم ، استوجبوا عذاب الاستئصال الذي لم يكن يريده لهم ، جعل في بيان تلك الأوامر نوع إجمال ، وذكرها على سبيل التعريض دون مُرّ التصريح ، موضّحاً لها لأولي البصائر بالقرائن الظواهر ، وجعل سبب بقاء من خالف فيها ولو مع التعريض وجود الطائفة المحقّة التي تلقّوها بالقبول ، الذي به يتحقّق معنى ما ورد في هذه الاُمّة من عدم اجتماعهم على الخطأ والضلال ، كما حقّقناه ، وفيه ذكر أنّ أمر إمامة عليّ بن أبي طالب عليهالسلام من هذا القبيل .
وأمّا المقصد الأوّل : ففي بيان تفصيل أجزاء الدليل المذكور ، وما يتّضح به كلّ واحد منها ، وفيه اثنتا عشرة مقالة :
المقالة الاُولى : في بيان ما هو المسلّم الثابت عند كلّ مسلم من وجوب عبادة اللّه وطاعته بنحو ما كلّف بذلك ، وأنّه هو الأصل في إرسال الرسل ودعوة الاُمم .
المقالة الثانية : في بيان ما يلزم من سابقه من وجوب معرفة طريق التعبّد ، ولزوم تعلّم أوامر اللّه ونواهيه ، وذكر جملة من تلك الأشياء التي لابدّ من معرفتها وتعلّمها .
المقالة الثالثة : في بيان ما يلزم أيضاً من السابق عليه من وجوب