وأمثالهما إنّما كانت من قبيل الغزوات ولا مدخل لها فيما ذكرناه من الصفات ، كغزوات زمان النبيّ صلىاللهعليهوآله من الأحزاب واُحد وغيرهما ممّا نشأ من أهل الفساد ، وحكاية عثمان وقتله أيضاً ليس بذلك المكان .
أمّا أوّلاً : فلأنّ قتله لم يكن أمراً ممتدّاً ، ولا ترتّب عليه التغيّر في الدين ، بل كان قتل خليفة ونصب آخَر ، كقتل عمر ونصب عثمان ، فإن عدّ هذا شرّاً ، فذلك أيضاً كان شرّاً ، وما ترتّب عليه هو ما ذكره في الخبر من الدخن ، على أنّ ذلك كان بالاجتهاد بل الإجماع اللّذين كانا مناط واقعة السقيفة ، فإن كانا حجّة فلم يكن ذلك شرّاً ، وإلاّ فقضيّة السقيفة أيضاً كذلك ، بل هي أَولى بذلك ؛ لكونها أقدم ، حتّى أنّ مناط الدخن أيضاً عند الأكثر ذلك ، فالتزام الحجّيّة في بعض دون بعض تحكّم ساقط .
وأمّا ثانياً : فلأ نّه من فروع واقعة السقيفة وليس أمراً خارجاً ؛ لترتّبه على أفعاله المترتّبة على خلافته المترتّبة على تلك الواقعة .
وأمّا ثالثاً : يمكن أن يقال : إنّه كان خيراً ، حيث ترتّبت عليه خلافة عليّ عليهالسلام التي عدّها خيراً ، بل كانت خيريّتها مسلّمةً .
هذا ، مع ما سيأتي في المقصد الثاني من بيان ترتّب جميع المفاسد على قضيّة السقيفة ، وذكر الأخبار الدالّة على حصول الشرّ من حين وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله ، فتأمّل .
ولنكتف ها هنا بما ذكرناه ، وسيأتي متفرّقاً غيرها أيضاً ، مع ما يدلّ على أنّ مناط الشرّ هو ترك التمسّك بآل محمّد عليهمالسلام ، وحسدهم ، وعداوتهم ، فلا تغفل .
__________________
نصف الأرض ولقريش نصف الأرض ! !
انظر : تاريخ الطبري ٣ : ١٤٦ ، السيرة لابن هشام ٤ : ٢٤٦ ـ ٢٤٧ .