الحديث أيضاً .
وحينئذٍ يبقى الكلام في تحقيق المراد بالشرّ الأوّل ، وأيّاً ما كان فإنّما هو في عصر الصحابة وبينهم ، وفي الدين كما بيّنّا أوّلاً . هذا ، مع وجود جماعة من الصحابة في الشرّ الثاني أيضاً ، فافهم .
وإذا أردت تعيين الشرّ الأوّل ، فاعلم أنّ الحقّ أنّ ذلك إنّما هو ما وقع يوم السقيفة من نزعهم عن عليّ عليهالسلام قميص الخلافة ؛ ولهذا لمّا رجعت إليه أخيراً ، عدّه خيراً ، ولمّا قُتل عليهالسلام وأخرجوها عن الأئمّة من ولده ، وتركوا الناس بغير إمام عدل مجاهر بالدين ، مجاهد في حيازة جماعة المسلمين ، عدّ ذلك أيضاً كلّه شرّاً ممدوداً ، بيان ذلك :
أمّا أوّلاً : فلِما سيتّضح من أنّ الإمامة كالنبوّة لها أهل مخصوصون بتعيين من اللّه ورسوله .
وأمّا ثانياً : فلانحصار ما وقع من حين وفاة النبيّ صلىاللهعليهوآله إلى خلافة عليّ عليهالسلام من عظيم الحوادث التي أثّرت في الدين ، وعمّت عامّة المسلمين في هذه الواقعة فقط ؛ ضرورة أنّ وقائع مالك بن نويرة (١) والمسيلمة (٢)
__________________
(١) هو مالك بن نويرة بن شداد اليربوعي التميمي ، يكنّى أبا حنظلة ، من خيار أصحاب رسول اللّه صلىاللهعليهوآله ، وقد استعمله على صدقات بني تميم ، ونهاية إخلاصه لعليّ عليهالسلام مشهورة ، ويكفي في جلالته ما قال الرسول صلىاللهعليهوآله في حقّه : «من أراد أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا الرجل» . ولم يبايع أبا بكر ، فأمر أبو بكر خالد بن الوليد بقتله ، وقصّته مشهورة .
انظر : تنقيح المقال ٢ : ٥٠ ـ ٥١ / ١٠٠٤٤ (أبواب الميم) ، اُسد الغابة ٤ : ٢٧٦ / ٤٦٤٨ ، وفيات الأعيان ٦ : ١٣ ـ ١٤ .
(٢) كذا ورد معرّفاً ، وهو مسيلمة بن حبيب الكذّاب ممّن ادّعى النبوّة في عهد النبيّ صلىاللهعليهوآله بعد انصراف النبيّ من حجّة الوداع، وهو الذي كتب إلى رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : من مسيلمة رسول اللّه إلى محمّد رسول اللّه، سلام عليك، فإنّي قد اُشركت في الأمر معك ، و إنّ لنا