أظهرت عدلاً ، وبسطت خيراً فإنّك قد كبرت ، ولو نظرت إلى إخوتك من بني هاشم ، فوصلت أرحامهم فواللّه ، ما عندهم اليوم شيء تخافه ؟ فقال : هيهات هيهات ، ملك أخو تيم فعدل وفعل ما فعل فواللّه ، ما عدا أن هلك فهلك ذكره إلاّ أن يقول قائل : أبو بكر ، ثمّ ملك أخو عديّ فاجتهد وشمر سنين فواللّه ، ما عدا أن هلك فهلك ذكره إلاّ أن يقول قائل : عمر ، (ثمّ ملك عثمان فملك رجل لم يكن أحد في مثل نسبه ففعل ما فعل ، وعمل به ما عمل فواللّه ، ما عدا أن هلك فهلك ذكره) (١) وإنّ أخا بني هاشم (٢) يصاح به في كلّ يوم خمس مرّات : أشهد أنّ محمداً رسول اللّه ، فأيّ عمل يبقى بعد هذا لا اُمّ لك ! لا واللّه ، إلاّ دفناً دفناً (٣) .
أقول : هذا مصداق المثل المشهور عند الناس من قولهم : «ويل لمن كفّره نمرود» ؛ لأنّ المغيرة (٤) هو الذي يأتي في مقالات المقصد الثاني لا سيّما السادسة أنّه وردت فيه ذموم ، وكان شارب الخمر زانياً حتّى شهد عليه ثلاثة بالزنا في خلافة عمر ، ولمّا أراد الرابع أن يشهد احتال عمر في دفع شهادته عنه بما هو مشهور وخلّصه من الرجم ؛ لكونه من خواصّه.
ولهذا كان عليّ عليهالسلام يقول : «إن مكّني اللّه من المغيرة لأرمينّه بالحجارة» (٥) فانهزم في خلافته عليهالسلام إلى معاوية ، وصار من ولاته ، وكان
__________________
(١) ما بين القوسين لم يرد في المصدر .
(٢) في المصدر : (ابن أبي كبشة) .
(٣) الأخبارالموفقيات: ٤٦٢ / ٣٧٥، شرح نهج البلاغة لابنأبيالحديد ٥: ١٢٩ ـ ١٣٠بتفاوت.
(٤) هو المغيرة بن شعبة بن أبي عامر بن مسعود الثقفي ، يكنّى أبا عبداللّه ، وأبا عيسى ، يقال له : مغيرة الرأي ، يكفي في خبثه ما نقل المؤلف عن عليّ عليهالسلام في حقه ، مات سنة ٥٠ هـ .
انظر : المعارف لابن قتيبة : ٢٩٤ ، اُسد الغابة ٤ : ٤٧١ / ٥٠٦٤ ، سير أعلام النبلاء ٣ : ٢١ / ٧ .
(٥) الكافي ٧ : ١٨٢ / ٨ (باب ما يوجب الجلد) ، الاستبصار ٤ : ٢١٥ / ٨٠٣ بتفاوت يسير فيهما .