شهادته ، ولكن كتب إليه فطلبه .
فلمّا جاء قدامة من البحرين قال الجارود لعمر: أقم على هذا كتاب اللّه، فقال عمر : أخصم أنت أم شهيد؟ فقال : شهيد ، فقال : قد أدّيت شهادتك .
قال : فصمت الجارود، ثمّ غدا على عمر، فقال له : أقم على هذا حدّ اللّه، فقال : ما أراك إلاّ خصماً ، وما شهد معك إلاّ رجل واحد ، فقال الجارود : إنّي اُنشدك اللّه ، فقال عمر : لتمسكنّ لسانك أو لأسؤَنّك ، فقال : يا عمر ، ما واللّه ذلك بالحقّ أن يشرب ابن عمّك الخمر وتسؤني .
فقال أبو هريرة : إن كنت تشكّ في شهادتنا فأرسل إلى امرأته بنت الوليد فسلها ، فأرسل عمر إليها فأقامت الشهادة على زوجها ، فقال عمر لقدامة : إنّي حادّك ، فقال قدامة : لو كنت شربت كما يقولون ما كان لكم أن تحدّوني ، فقال عمر : لِمَ؟ قال : لأنّ اللّه يقول : ( لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جُنَاحٌ فِيمَا طَعِمُوا إِذَا مَا اتَّقَوْا وَآمَنُوا ) (١) الآية ، فقال عمر : أخطأت التأويل إنّك إن اتّقيت اللّه اجتنبت ما حرّم اللّه عليك ، ثمّ أمر عمر فحدّوه ، فغضب على عمر مدّة مديدة ، ثمّ نقل وجه صلحهما أيضاً (٢) .
ونقل فيه أيضاً : أنّ سعد بن أبي وقّاص الذي هو عند العامّة من العشرة المبشّرة (٣) ، وكذا عبداللّه بن عمر ، ومحمّد بن مسلمة (٤) قعدوا عن
__________________
(١) سورة المائدة ٥ : ٩٣ .
(٢) الاستيعاب ٣ : ١٢٧٧ / ٢١٠٨ .
(٣) أي : بالجنة .
(٤) هو محمّد بن مسلمة بن سلمة بن خالد ، يكنّى أبا عبداللّه ، وقيل : أبا سعيد ، واختلف في سنة وفاته على أقوال منها : أنّه مات سنة ٤٣ هـ .
انظر : اُسد الغابة ٤ : ٣٣٦ / ٤٧٦١ ، سير أعلام النبلاء ٢ : ٣٦٩ / ٧٧ ، تهذيب التهذيب ٩ : ٤٠١ / ٧٣٩ .