ووكله إلى نفسه ، ومن وكله اللّه إلى نفسه فقد هلك ، قال اللّه تعالى : ( فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا ) (١) ، من لم يعرف الخير من الشرّ فهو بمنزلة البهيمة .
يا بن مسعود ، احذر سكر الخطيئة ، فإنّ للخطيئة سكراً كسكر الشراب ، بل هو أشدّ سكراً منه ، يقول اللّه تعالى : ( صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَرْجِعُونَ ) (٢) .
يا بن مسعود ، الدنيا ملعونة ، ملعون ما فيها ، إلاّ ما كان للّه ، وملعون من طلبها وأحبّها ونصب لها .
يا بن مسعود ، فلا تلهيّنك الدنيا وشهواتها ، فإنّ اللّه يقول : ( أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ) (٣) .
يا بن مسعود ، لا تقدّم الذنب وتؤخّر التوبة ، ولكن قدّم التوبة وأخّر الذنب ، قال اللّه تعالى : ( بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسَانُ لِيَفْجُرَ أَمَامَهُ ) (٤) .
وإيّاك أن تستنّ سنّة بدعة ، فإنّ العبد إذا استنّ سنّة لحقه وزر من عمل بها ، قال اللّه تعالى : ( وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ ) (٥) .
يا بن مسعود ، فلا تركن إلى الدنيا ولا تطمئنّ إليها فتفارقها عن قليل ، واذكر القرون الماضية ، والملوك الجبابرة الذين مضوا ، ولا تؤثرنّ الدنيا على الآخرة باللذّات والشهوات ، فإنّ اللّه يقول : ( فَأَمَّا مَنْ طَغَىٰ * وَآثَرَ
__________________
(١) سورة الكهف ١٨ : ١١٠ .
(٢) سورة البقرة ٢ : ١٨ .
(٣) سورة المؤمنون ٢٣ : ١١٥ .
(٤) سورة القيامة ٧٥ : ٥ .
(٥) سورة يس ٣٦ : ١٢ .