وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىٰ) (١) .
يا بن مسعود ، لا تتكلّم إلاّ بالعلم بشيءٍ سمعته ورأيته ، فإنّ اللّه يقول : ( وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ ) (٢) الآية ، وقال : ( سَتُكْتَبُ شَهَادَتُهُمْ وَيُسْأَلُونَ ) (٣) .
يا بن مسعود ، إذا تكلّمت بلا إله إلاّ اللّه ، ولم تعرف حقّها ، فإنّه مردود عليك ، ولا يزال قول : لا إله إلاّ اللّه يردّ غضب اللّه عزوجل عنهم حتّى إذا لم يبالوا ما ينقص من دينهم بعد إذ سلمت دنياهم ، يقول اللّه تعالى : (كذبتم كذبتم ، لستم بها بصادقين ، فإنّه يقول) (٤) : ( إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ) (٥) » .
أقول : تأمّل في هذا حتّى تفهم أنّ محض قول : «لا إله إلاّ اللّه» لا يفيد بدون شروطه ، فلا يدخل في الأخبار كلّ من لهج به كما توهّمه العامّة (٦) ، على ما سيأتي في محلّه.
ثمّ قال صلىاللهعليهوآله : «يا بن مسعود ، عليك بالسكينة والوقار ، وكن سهلاً ليّناً عفيفاً ، مسلماً تقيّاً نقيّاً ، بارّاً طاهراً مطهّراً ، صادقاً خالصاً ، سليماً صحيحاً ، لبيباً ، صالحاً ، شكوراً ، مؤمناً ، أميناً ورعاً ، عابداً ، زاهداً ، رحيماً ، عالماً فقيهاً» ، ثمّ ذكر صلىاللهعليهوآله الآيات الدالّة عليها .
ثمّ قال : «يا بن مسعود ، أنصف الناس من نفسك ، وانصح الاُمّة
__________________
(١) سورة النازعات ٧٩ : ٣٧ ـ ٣٩ .
(٢) سورة الإسراء ١٧ : ٣٦ .
(٣) سورة الزخرف ٤٣ : ١٩ .
(٤) ما بين القوسين لم يرد في المصدر .
(٥) سورة فاطر ٣٥ : ١٠ .
(٦) الاعتقاد للبيهقي : ١٠٦ ـ ١٠٧ ، بتفاوت .