وارحمهم ، وإيّاك أن تظهر من نفسك الخشوع والتواضع للآدميّين ، وأنت فيما بينك وبين ربّك مصرّ على المعاصي والذنوب ، يقول اللّه تعالى : ( يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ ) (١) ، ولا تكن ممّن يشدّد على الناس ويخفّف على نفسه ، ولا تكوننّ ممّن يهدي الناس الى الخير ويأمرهم به وهو غافل عنه ، يقول اللّه عزوجل : ( أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ ) (٢) .
يا بن مسعود ، إذا عملت عملاً فاعمل بعلم وعقل ، وإيّاك أن تعمل عملاً بغير تدبّر وعلم ، فإنّ اللّه يقول : ( وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ) (٣) ، وعليك بالصدق ، وأنصف الناس من نفسك ، وأحسن وادع الناس إلى الإحسان ، ولا تمكر الناس ، وأوف الناس بما عاهدتهم» (٤) ، الخبر ، وهو طويل وكذا ما قبله أخذنا من كلّ واحد نبذاً ممّا يناسب المرام .
والأخبار المناسبة له المشهورة بين الفريقين ـ الشيعة والسنّة ـ كثيرة جدّاً فضلاً عن غيرها ، لكن لا حاجة هاهنا إلى الإكثار ؛ إذ لا منكر هاهنا حتّى يحتاج إلى الإثبات والإقرار ، ولكن أوردنا طرفاً منها تذكرةً لاُولى الأبصار ، وتبصرةً لمن أراد الاستبصار ، وموعظةً لقوم يعقلون ، وسيأتي أيضاً كثير من الموضّحات وما هو من هذا الباب في الفصول الآتية ، فلا تغفل ، واللّه الموفّق والهادي .
* * *
__________________
(١) سورة غافر ٤٠ : ١٩ .
(٢) سورة البقرة ٢ : ٤٤ .
(٣) سورة النحل ١٦ : ٩٢ .
(٤) مكارم الأخلاق ٢ : ٣٣٨ ـ ٣٦١ / ٢٦٦٠ بتفاوت يسير في بعض الألفاظ .