وفي رواية اُخرى : أنّه سئل عن الاستدراج ، فقال : «هو العبد يذنب الذنب فيملى له ، ويجدّد له عنده النعمة ، فتلهيه عن الاستغفار من الذنوب ، فهو مستدرج من حيث لا يعلم» (١) .
وقال صلىاللهعليهوآله ـ كما رواه الغزالي وغيره ـ : «إذا رأيتم الرجل يعطيه اللّه ما يحبّ وهو مقيم على معصيته ، فاعلموا أنّ ذلك استدراج ، ثمّ قرأ قوله تعالى : ( لَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ ) (٢) » (٣) الآية .
وقال رجل للرضا عليهالسلام : إنّي تركت فلاناً ـ يعني رجلاً أكل مال أبيه وأنكره ـ من أعدى خلق اللّه لك !
قال : «ذلك شرّ له» ، قال الرجل : ما أعجب ما أسمع منك جعلت فداك !
قال : «أعجب من ذلك إبليس ، كان في جوار اللّه في القرب منه ، فأمره فأبى ، وتعزّز وكان من الكافرين ، فأملى اللّه له ، واللّه ما عذّب اللّه بشيءٍ أشدّ من الإملاء ، واللّه ، ما عذّبهم اللّه بشيءٍ أشدّ من الإملاء» (٤) .
أقول : الإملاء بمعنى : الإمهال وترك الاستعجال .
والاستدراج قيل : هو من المدرجة وهي الطريق . ودرج : إذا مشى سريعاً ، فمعنى الآية : أنّا سنأخذهم من حيث لا يعلمون ، أيّ طريق سلكوا ، فإنّ مرجع جميع الطرق إلينا ولا يفوتنا هارب .
__________________
(١) الكافي ٢ : ٣٢٧ / ٢ (باب الاستدراج) ، بحار الأنوار ٥ : ٢١٧ / ١٠ .
(٢) سورة الأنعام ٦ : ٤٤ .
(٣) إحياء علوم الدين ٤ : ١٣٢ ، المعجم الكبير ١٧ : ٣٣٠ / ٩١٣ ، مسند أحمد ٥ : ١٣٩ / ١٦٨٦٠ ، شعب الإيمان ٤ : ١٢٨ / ٤٥٤٠ ، إحياء .
(٤) رجال الكشّي : ٥٩٦ ـ ٥٩٧ / ١٠٤٥ ، بحار الأنوار ٥ : ٢١٦ / ٣ ، وفيهما بتفاوت في بعض الألفاظ .